أصول المحاكمات الشرعية الإجرائية دراسة تأصيلية من الأدلة الشرعية والتراث الفقهي
أصول المحاكمات الشرعية الإجرائية دراسة تأصيلية
من الأدلة الشرعية والتراث الفقهي
إعداد
د. أيمن عبد
الحميد البدارين أ. محمد عزات النواجعه
الملخص
الحمد والثناء
لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
لما كان
القضاء من الأمور الهامة والضرورية الوجود التي لا يستقيم حال الناس بدونها،
وانعدامه يعني ذهاب حقوق الناس، وكان لا بد لهذا القضاء أن يبنى على قواعد وأصول،
فكان هذا البحث الذي يهدف إلى بيان أصول المحاكمات الشرعية الإجرائية، حيث يبين سبق
الشريعة الإسلامية للقوانين الوضعية في تقعيدها لأصول المحاكمات، ومدى اهتمامها
بتحقيق العدل وإحقاق الحق، فالمحاكات في الشريعة الإسلامية إنما تسير وفق إجراءات
واضحة وقواعد راسخة ومبادئ ثابتة، فالناس كل الناس فيه سواء، فقد عرضنا وأصلنا في
بحثنا هذا لأصول المحاكمات الشرعية الإجرائية، حيث تكون البحث من مقدمة وأربعة
مباحث وخاتمة، حيث تضمن المبحث الأول تأصيل الشروع في الدعوى وإجراءاتها، وأصل
المبحث الثاني لإجراءات المحاكمة، وأصل المبحث الثالث لإجراءات الحكم القضائي، أما
المبحث الرابع فكان تأصيلاً لإجراءات الطعن في الأحكام القضائية.
العنوان والملخص باللغة الانجليزية
Fundamentals
of Islamic Court Trials
Review
and Investigation
we
present study reviews and investigates the fundamentals of Shari’a (Islamic)
court trials. It consists of an introduction،
three chapters، a conclusion and an appendix. The first
chapter is an introductory chapter. It includes a definition of the judiciary، its legitimacy and benefits. This chapter
also reviews the history of judiciary and principles of trials from the
pre-Islamic era up to the present time.
The
second chapter is concerned with the fundamentals of the objective Shari’a
court trials. It includes a definition of these court trials and an
investigation into the principles underlying the judicial system، the provisions relating to the judge and
his assistants، and the lawsuit. This chapter also shows
the most important means of evidence in Islamic law،
and it concludes with a review of the jurisdiction rules of the Shari’a courts.
The
third chapter deals with the fundamentals of procedural Shari’a court trials.
It investigates the procedures of filing a lawsuit in Shari’a courts، trial proceedings، Shari’a court rulings، and challenging court decrees.
المقدمة
الحمد لله،
والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
إن المستقرئ
للقضاء في عهد النبي r وما بعده من أطوار العهد الأول للقضاء
الإسلامي يجد أنه امتاز بالسهولة واليسر والابتعاد عن الشكليات، ومن مظاهر ذلك أن
المدعي والمدعى عليه كانا يذهبان معاً إلى مجلس القاضي ويطلبان القضاء بينهما وتتم
الأمور بكل سهولة ويسر، ثم أخذت الأصول التي يتبعها أطراف الدعوى في التقاضي تتطور
شيئاً فشيئاً حتى وصلنا اليوم إلى وضع ما يسمى (بقانون أصول المحاكمات الشرعية)، الذي
ينظم الإجراءات التي يجب على الخصوم اتباعها في الدعوى، والخطوات التي يجب على
القاضي أن يتقيد بها في جميع مراحل الدعوى، وجاءت هذه الدراسة لتأصل هذا القانون بالبحث
عن جذوره وأصوله في الأدلة الشرعية وما بني عليها من كتب الفقهاء عبر التاريخ
الإسلامي لنكون على بصيرة من أمرنا، ولنظهر تميز فقهنا، وسبقه القوانين المعاصرة
في كل مضمار، بما يعطي من لمحة تاريخية سريعة لتطور أصول التقاضي في الشريعة
الإسلامية.
أهمية البحث وأسباب اختياره :
1-
إظهار سبق علماء الشريعة
الإسلامية للقوانين الوضعية المعاصرة في استحداث إجراءات للتقاضي.
2-
رفد المكتبة التشريعية والقانونية
المعاصرة بأدلة شرعية ووقائع فقهية وتاريخية في أصول المحاكمات الشرعية والمدنية،
حيث – وللأسف – كان ولا زال جل اعتماد شراح هذه القوانين على القوانين
الوضعية؛ لقلة وضعف الاطلاع على التراث الفقهي الهائل في القضاء الشرعي وسبقه وتأصيله
لمثل هذه الأصول الشرعية في التقاضي.
3-
الموضوع بالغ الأهمية كونه
يتعلق بحياة الناس ويلامس واقعهم، ففيه فصل للمنازعات، وقطع للخصومات، ويجب أن
يكون هذا الأمر على بصيرة؛ حتى يتحقق العدل؛ لأنه من الطبيعي إن لم يكن القضاء
مبنياً على قواعد وأصول شرعية، فإن التخبط والظلم سيكون سيد الموقف.
4-
بيان مدى اهتمام الشريعة
الإسلامية بالقضاء وطرقه لتحقيق العدل بين الناس، وبيان عظمة هذا الدين في أصوله
القضائية ومدى اهتمامه بأن يكون العدل هو الأساس في المجتمع الإسلامي.
مشكلة
البحث:
جاء البحث ليجيب عن عدة تساؤلات، ومن أهمها:
1-هل
يوجد إجراءات موضوعية وشكلية للمحاكمات في الشريعة الإسلامية أم اقتصرت على
الموضوعية؟
2-هل
سبقت الشريعة الإسلامية القوانين المعاصرة في وضع إجراءات للمحاكمات؟
3-ما
مدى موافقة أصول المحاكمات الإجرائية المعاصرة للشريعة الإسلامية؟
4-ما
هو التأصيل الشرعي لقوانين أصول المحاكمات الشرعية الموضوعية والإجرائية؟
الدراسات
السابقة:
1- أصول المحاكمات الشرعية للدكتور أحمد محمد علي
داوود، وقد نشرته دار الثقافة للنشر والتوزيع في عمان في طبعته الثانية سنة
(2011م)، وقد أجاد الباحث في كتابه وأفاد، إلا أن الباحث لم يتطرق إلى القانون إلا
في مسائل قليلة، وتمتاز دراستنا عن الباحث بعدة أمور:
أ-التطرق
إلى قانون أصول المحاكمات الشرعية الأردني رقم (31) لسنة (1959م) حيث أذكر نص
المادة القانونية.
ب- ننقل نصوص الفقهاء في المسائل التي تتعلق بأصول المحاكمات
الإجرائية؛ لإثبات سبق الشريعة الإسلامية للقوانين الوضعية في أصول المحاكمات.
2- شرح قانون أصول المحاكمات الشرعية ونظام القضاء
الشرعي للدكتور عبد الناصر موسى أبو البصل، والكتاب مطبوع في مجلد من الحجم
المتوسط، ضَمَّنَ الدكتور كتابه بمبحث تمهيدي ذكر فيه لمحة تاريخية عن القضاء في
الأردن وفلسطين منذ انفصالهما عن الدولة العثمانية، وعن النظام القضائي في الأردن
من زاوية قانونية بحتة دون الرجوع إلى أصول المحاكمات عند الفقهاء.
إلا أن دراستنا هذه تمتاز عنه بما يلي:
أ-
الرجوع إلى أمهات الكتب
الفقهية في أصول المحاكمات للتأصيل لقانون أصول المحاكمات الشرعية.
ب-جاءت
هذه الدراسة لتجمع بين نصوص الفقهاء والنص القانوني ليصبح الأمر أكثر اكتمالا ونضجا
وأتم فائدة – بإذن الله – والله الموفق.
منهج البحث:
سلك الباحثان في بحثهما المنهج الاستقرائي والوصفي
والاستنتاجي، كما هو الحال في البحوث والدراسات المتعلقة بالعلوم الشرعية.
حدود الدراسة:
سيعتمد الباحثان قانون أصول المحاكمات الشرعية
الأردني رقم (31) لسنة (1959م) أساساً في المقارنة كون هذا القانون نموذجاً
لقوانين أصول المحاكمات الشرعية العربية والإسلامية، وقد استمد مواده من قانون
أصول المحاكمات الشرعية العثماني ثم قوانين أصول المحاكمات العربية التي استمدت
بعض أصولها من القوانين الغربية وخاصة قوانين أصول المحاكمات المدنية، وسيكون
التأصيل من الأدلة الشرعية المعتبرة من الكتاب والسنة النبوية وغيرها من الأدلة
الشرعية، وما بني على هذه الأدلة من التراث الفقهي العظيم بمذاهبه المتعددة.
خطة البحث:
قسم
الباحثان البحث إلى مقدمة، وأربعة مباحث، وخاتمة.
المقدمة:
تضمنت أهمية البحث وأسباب اختياره والدراسات السابقة، ومنهج البحث، وخطته.
المبحث الأول: تأصيل الشروع في الدعوى، وفيه
مطلبان: الأول: تنظيم عريضة الدعوى وقيدها في سجلات المحكمة. المطلب الثاني:
التبليغات القضائية.
المبحث الثاني: تأصيل إجراءات المحاكمة، وفيه سبعة
مطالب: الأول: إدارة جلسات المحاكمة. الثاني: المرافعة. الثالث: الدفوع في الدعوى.
الرابع: التقادم وأثره على سماع الدعوى. الخامس: حضور الخصوم وغيابهم. السادس:
طلبات الخصوم. السابع: الأحوال الطارئة في الدعوى.
المبحث الثالث: تأصيل الحكم القضائي، وفيه ثلاثة
مطالب: المطلب الأول: تعجيل تبليغ الحكم وكونه مكتوبا. الثاني: إصدار الحكم
وتنفيذه. الثالث: تعجيل التنفيذ.
المبحث الرابع: تأصيل الطعن في الأحكام القضائية،
وفيه ثلاثة مطالب: الأول: الطعن في الحكم القضائي بالاعتراض على الحكم الغيابي.
الثاني: الطعن في الحكم القضائي بالاستئناف. الثالث: الطعن في الحكم القضائي
بإعادة المحاكمة.
أهم نتائج البحث:
1- المحاكمات في الشريعة الإسلامية مبنية على أصول
واضحة، وقواعد راسخة، من أجل تحقيق العدالة وإقامة القسط بين الناس، وبهذا تكون
الشريعة الإسلامية قد سبقت القوانين الوضعية والأنظمة الأرضية في إرساءها لأصول
المحاكمات التي تهدف إلى تحقيق العدل.
2- أصول المحاكمات الشرعية المعمول بها في المحاكم
الشرعية تنسجم تماماً مع أحكام الشريعة الإسلامية.
3- تطور أصول المحاكمات الشرعية الإجرائية كان حسبما
تقتضيه الظروف والمصالح الحقيقية لا الموهومة للعامة بما يناسب كل عصر ومصر.
4- سبقت الشريعة الإسلامية القوانين المعاصرة في
التأصيل للاستئناف، كما درسه بعض الفقهاء بمسميات أخرى منها: الدفع.
5- أصول المحاكمات الإجرائية بعضها دل عليه الأدلة الأصلية
وأكثرها دل ليه الأدلة التبعية وخاصة المصالح المرسلة.
6- طبق فقهاؤنا القدماء غالب الأصول القضائية
الإجرائية لاتي تطبقها المحاكم اليوم مع تطور في آليات وإجراءات التقاضي فرضها
تطور الزمان والتأثر بالقوانين المعاصرة.
7- حافظت الشريعة على هيبة القاضي، فمنعت الاعتداء
عليه أو التقليل من هيبته، وعملت على تحقيق كل ما يحقق هيبة القاضي، لأن هيبة
القاضي من هيبة القضاء.
8- حرصت الشريعة الإسلامية على تبسيط إجراءات التقاضي،
وعلى سرعة البت في القضايا، وعلى سرعة التنفيذ، حفظاً لحقوق الناس وصوناً لها من
الضياع، الأمر الذي ينعكس ايجاباً على اطمئنان الناس للتقاضي الشرعي، بعكس نظام
التقاضي في القوانين الوضعية، التي تمتاز بالتعقيدات والبطء في سير المحاكمات.
9- حرص الشريعة الغراء على تحقيق العدالة لجميع أطراف
الدعوى هو الأساس الأول في التأصيل لأصول المحاكمات الإجرائية وخاصة أن (تصرف الإمام
على الرعية منوط بالمصلحة).
10-
وجد
الباحثان أن غالب الأصول الإجرائية نص عليها لفقهاء صراحة أو ضمنا في كتبهم ويعتبر
ذلك تأصيلاً لهذه الأصول من جهة أن اجتهاد الفقهاء معتبر شرعا فمن ذلك على سبيل
المثال: أجاز الفقهاء الطعن في الأحكام الشرعية بضوابط وشروط، وتعود أصول فكرة
إعادة المحاكمة إلى العهد الأول من تاريخ القضاء الإسلامي، ويفهم من كلام الفقهاء
الذين يجيزون الحكم على الغائب أنهم يسمعون من الغائب عند قدومه بعد الحكم عليه، وعرف
الفقهاء تعجيل التنفيذ من خلال منعهم القاضي إذا ظهر له أسباب الحكم من تأخير الحكم
بلا سبب، ونصوا على وجوب إعطاء الحكم فور الانتهاء من المرافعة، جوزوا إسقاط
الدعوى ووقفها بوسائل كرد الخصوم للصلح…
توصيات البحث:
يوصي الباحثان بما يلي:
1- إن تراثنا الفقهي مليء بالإنجازات الفقهية في
التأصيل والتطبيق القضائي للأصول القضائية الموضوعية التي يحقق تطبيقها العدالة
وتعتبر أساسا متينا في بناء قضاء مستقل نزيه، فينبغي الكتابة حول هذه الأصول
لإبراز هذا التفوق والتقدم الفقهي.
2- سبق فقهاؤنا القدماء القضاء المعاصر في التأصيل
لعدد كبير من الأصول الإجرائية نبه الباحثان على عدد منها، وهي بحاجة لاستكمال في
دراسة موسوعة تستقري هذه الأصول من بطون الكتب.
3- يوصي الباحثان بدراسة تحليلية لكتب القضاء الإسلامي
لاستخراج كنوزها الزاخرة بالفوائد القضائية الهامة في عصرنا بما يسهم في تعزيز
نزاهة القضاء وتحقيق العدل بين الناس.
تحميل البحث من خلال الضغط على الرابط التالي:
لقراءة أوتحميل البحث كاملا الرجاء اضغط هنا
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.