استحباب التعزية فيمن قتل نفسه (انتحر)
السؤال:
شخص انتحر بشنق نفسه فهل يجوز أن نعزي أهله بموته؟
الجواب:
تستحب التعزية فيه؛ لأنه وإن انتحر يبقى مسلماً، والانتحار ذنب عظم وكبيرة من أكبر الكبائر، لكنه مع ذلك لا يخرجه عن الإسلام فهو مؤمن عاص، والمؤمن العاصي يجب أن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، وهذه الأحكام تتعلق به ولا تتغير بسبب انتحاره كذلك العزاء لا يتغير حكمه لهذا السبب، حيث لا مخصص ولا مقيد ولا صارف لأحاديث وآثار التعزية، وهذا المنتحر داخل تحت المشيئة الإلهية وذنبه دون الشرك (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48].
أما التعزية فهي أمر يتعلق بأهله؛ لتسليتهم والتخفيف عنهم بالوقوف معهم في مصابهم، ففيه وقوف مع أهله الذين فجعهم بجريمته لا إقرار له على فعله، ولا يشترط في المعزى فيه والمعزى لهم أن يكونوا مسلمين أصلا، فيجوز تعزية أهل الكتاب وغيرهم من المشركين في موتاهم؛ ففي الصحيحين أن ” سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية فمروا عليهم بجنازة فقاما فقيل لهما إنها من أهل الأرض أي من أهل الذمة فقالا (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة ٌ فقام فقيل له إنها جنازة يهودي فقال أليست نفساً)، فالقيام احتراما فيه نوع تعزية لأهل الميت واحترام لهذه النفس، فإن كانت لغير المسلم فالمسلم من باب أولى، والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى
من كتاب: (فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب: للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين،
دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة:
الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (110-111).
[1]. الحميدي، محمد بن فتوح، الجمع بين الصحيحين البخاري
ومسلم (1/269)، دار ابن حزم، لبنان، بيروت، 1423هـ – 2002م، الطبعة: الثانية،
تحقيق: د. علي حسين البواب.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.