الأبحاث

اصطلاح الشافعية من خلال اصطلاح النووي في منهاج الطالبين للدكتور ايمن البدارين

 ملخص لبحث

درس الباحث المصطلحات التي استخدمها الإمام النووي في كتابه
منهاج الطالبين وتبعه عليها الشافعية بعده فغدت اصطلاحا لجميع كتب وعلماء المذهب
بعد ذلك ، فلا يفهم كلام الشافعية بدقة ما لم تفهم هذه المصطلحات ، فبينت جميع ما
يتعلق بهذه المصطلحات مع الشرح والتمثيل ، وما تدل عليه من آراء معتمدة أو غير
معتمدة في المذهب الشافعي ، وما يدخل في منطوقها وما يخرج بمفهومها ، كما قسمت
المصطلحات حسب طبيعة الخلاف في المذهب وهل الخلاف في أقوال الإمام أو مجتهدي
المذهب أو مركب منهما أو محتمل كل ذلك , كما بينت حقيقة كتاب المنهاج وأهميته
ومنزلته وما امتاز به عمن سبقه باعتباره أكثر الكتب -على الإطلاق- التي اهتم بها
علماء المذهب ، كما ترجمت لمؤلفه.
 

Abstract

This researcher studied the
expressions and phrases that were used by Imam Al- Nawawi in his book Minhaj
Al-Talebeen. These terms were used by the followers of Al- Shafia-School of
Fiqeh. Consequently, these terms became commonly used by all Shafia followers
as well as in all the books written by Shafia students and scholars. The exact
understanding of Shafi school
of Fiqeh cannot be
understood without explaining these terms. All these terms were scrutinized and
fully explained through giving examples. Therefore, all the Shafi Fiqeh
concepts disused or accepted by the Shafi scholars were simplified. These Fiqhi
terms were divided according to the different understandings of the Shafi School
and according to the cataloging that stemmed from explanations by the Imam
himself or the scholars or a combination of both. Furthermore, I explained the
fact behind Al-Menhaj book, its importance, it ranking, and what it excelled in
more than any other piece of work. This book was given they most importance by
Shafi scholars. Also, I have written about the author of this book.

 

تمهيد:

يعتبر اصطلاح النووي في
منهاجه تحولا وتطورا في المذهب الشافعي لأنه بين المعتمد في المذهب لصعوبة تمييزه
بسبب اختلاف الروايات عن الإمام الشافعي وكثرة ترجيحات واستنباطات مجتهدي المذهب ؛
فأصبح من العسير تمييز المعتمد عن غيره في المذهب حتى على العلماء إلا بعد جهد
وبحث قد لا تسعف مشاغل الحياة في تحقيقه ، فسَهَّل النووي هذا الأمر ، وحمل هذا العبء
والجهد العلمي الضخم على عاتقه ، وأكمل مسيرة من قبله ضابطا له ، رافعا بنيان
المذهب شامخا ؛ حتى أصبح المذهب الشافعي بعد النووي من أسهل المذاهب الفقهية
المعتبرة حفظا وأكثرها انضباطا ، وأخفها مؤنة للوصول إلى القول المعتمد.


وقد حرص الإمام النووي على توحيد
المذهب على رأي واحد في كل مسألة بجعلها المعتمدة من خلال ضبط نصوص الإمام الشافعي
، واستقراء قول الجمهرة من فقهاء المذهب الكبار الاجلاء ، واعتماده على قوة الدليل
، وقد لخص النووي هذا العمل وأظهره من خلال اصطلاحه الذي اخترعه تسهيلا لبيان
الراجح ومراتب الخلاف ، فنال قصب السبق في إبداعه هذه المصطلحات التي تضبط مسائل
المذهب ، جامعة تشعبات الطرق في طريق واحد سهل منضبط قصير لا اعوجاج فيه ، آخره
كأوله وفق هدف واضح لا لبس فيه ألا وهو تحقيق المذهب وضبط معتمده.


فكان لزاما على كل باحث
لآراء الشافعية – الذين لا يستغني بحث فقهي عن آرائهم – أو الدارس لمذهبهم أن يتقن
فهم هذه الاصطلاحات التي تشكل قواعد الفهم الصحيح لآراء علمائه وكتبهم ، والتي لا
تفهم بدقه دونها ، فكان هذا الجهد لدراستها ، والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم
الوكيل.

أهمية لبحث:

إن التجديد الفقهي واستحداث حلول فقهية جديدة للمشكلات
الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة لن تؤتي أكلها ولن تكون متسقة مع الحاضر
الاجتماعي والثقافي والحضاري للأمة الإسلامية ما لم تنطلق من الأصالة التي هي جذور
هذه النواحي والتي يشكل الحاضر امتدادا لها بإكمال جهود العلماء السابقين الذين
افنوا أعمارهم في بناء منظومة الفقه الإسلامي ، وبنيان أحكامه الراسخة ، وصرحه
المتين ؛ فإكمال البناء أجدى من هدمه وإعادة بنائه.


ولا شك أن آراء فقهاء المذهب الشافعي تشكل أحد أهم أركان هذا
التراث المتين ، لكن ثمة مشكلة نواجهها اليوم تكمن في فهم كتبهم وتحليلها ، وهذا
ما وجدته أثناء تدريسي لطلبة البكالوريوس والماجستير حيث لاحظت ضعفا كبيرا عند
غالبيتهم في فهم كتب المذهب والتي أصبح يحلو لبعض الدارسين تسميتها بالكتب الصفراء
، حتى لتجد – للأسف – في كثير من الكتب بل وفي بعض الأبحاث المحكمة نسبة خاطئة
لآراء بعض المذاهب مردها إلى عدم معرفة اصطلاحات هذه الكتب أو هذا المذهب ، فمعرفة
الاصطلاح تعتبر من أهم ما يجب على المتعلم تحقيقه قبل قراءة كتب القدماء والبحث
فيها ، بل لن أبالغ إن قلت بأنه لا يحق لأحد أن يدعي فهم كتب القدماء والخوض فيها
بحثا وتعلما ودرسا قبل أن يتقن اصطلاحهم وإلا تاه وأخذ غيره إلى التيه ، وضل عن
فهم مرادهم وأضل ، ونسب لهم ما لا يقولون ، وظلمهم وهم عن نسبته بريئون.

وتظهر للبحث فوائد أخرى منها:

أولا: من خلال فهم هذه المصطلحات نستطيع أن أميز بين المسائل
المجمع عليها في المذهب أو الاتفاقية ، وبين المسائل الخلافية ، وضبط المعتمد في
المذهب الشافعي.


ثانيا: تمييز آراء الإمام الشافعي عن آراء مجتهدي المذهب حتى لا
تختلط فتعرف من خلالها على تطور المذهب ، وما يتبعها من دراسات فقهية وأخرى تاريخية
بحسب المسائل المستحدثة التي لم يبحثها الشافعي وبحثها من جاء بعده ، كما تميز هذه
الاصطلاحات جديد قول الشافعي من قديمه ، كما نضبط بها طبيعة ونوع خلافات علماء
المذهب والآراء الخلافية التي ذهبوا إليها.


ثالثا: ومن عظيم فوائد فهم هذا الاصطلاح أن العلماء أحصوا سبعين
ألف مسألة في منهاج الطالبين وحده
[i] ، هذا العدد الهائل من
المسائل ضبطه ووجهه النووي من خلال هذه الاصطلاحات التي يشكل فهمها مدخلا رائدا
عميقا في فهم هذا العدد الهائل من المسائل.


رابعا: كما نستطيع من خلالها معرفة تطور التأليف في المذهب ، إذ
تعد تآليف الإمام النووي فيصلا بين مرحلتين بارزتين من مراحل تطور المذهب اتسمت
بالتحرير والضبط والتهذيب والتركيز على بيان المعتمد ، كما تشكل مرحلة توحيد
اصطلاح المذهب حيث كان قبل ذلك مضطربا دون ضوابط سوى قواسم مشتركة قليلة العدد وإن
كانت كثيرة الفائدة والمدد.


خامسا: ويكفي ختاما وبيانا لأهميته أن هذا الاصطلاح لم يسبق
النووي إليه أحد –كما سأبين- ثم أصبح اصطلاحا للمذهب بعده فلا بد من دراسة هذا
الاصطلاح الذي يشكل مفترق طرق في هذا المذهب العظيم.


 

 

هدف البحث:

يهدف
البحث إلى استفراغ الوسع في بيان المنهج العلمي الذي اتبعه النووي من خلال الاصطلاحات
التي أوردها في كتاب منهاج الطالبين والتي تحقق الأهداف السابقة ؛ وذلك خلال
استقراء كلام العلماء قديما وحديثا في شرحه وغيرها من كتب المذهب مما له علاقة به
، إضافة إلى ملاحظة الجانب التطبيقي لهذه الاصطلاحات في المنهاج والتمثيل لها
وصولا إلى أشمل وأدق فهم لها.


خطة البحث:

قسمت
البحث إلى مقدمة وثلاثة مطالب ، مهدت في المقدمة للبحث وبينت أهميته وهدفه وتقسيمه
والدراسات السابقة ، وأما المطالب الثلاثة فجاءت على النحو التالي:


المطلب
الأول: التعريف بموضوع البحث.


المطلب
الثاني: التعريف بالإمام النووي وكتابه منهاج الطالبين وأهميته ومنزلته ، وقد
قسمته إلى أربع فروع ؛ عرفت في الأول بالإمام النووي ، وفي الثاني بكتابه منهاج
الطالبين ، وفي الثالث أهمية كتاب منهاج الطالبين في المذهب ، وفي الرابع
منزلة
كتاب منهاج الطالبين بين كتب المذهب
.


المطلب
الثالث: بيان اصطلاح النووي في منهاجه ، وقد قسمته إلى ستة فروع: 


الفرع الأول: حصر اصطلاحات النووي في المنهاج.

الفرع الثاني: المصطلحات الخاصة بأقوال الإمام الشافعي.

الفرع الثالث: المصطلحات الخاصة بآراء مجتهدي المذهب.

الفرع الرابع: المصطلحات المركبة من أقوال الإمام وأصحاب
الوجوه.


الفرع الخامس: المصطلحات المحتملة لأقوال الإمام وأصحاب الوجوه.


الفرع السادس: مصطلح المسائل المزيدة على المحرر.

وختمته ببيان نتائج البحث وتوصياته.



 

[i] . ممن ذكر هذا
العدد الضخم من المسائل في المنهاج : شميلة الأهدل ، أحمد ميقري ، سلم المتعلم
المحتاج إلى معرفة رموز المنهاج: ص 100 – 101
 

اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى