الأبحاث

المضاربة على العروض دراسة فقهية مقارنة للدكتور ايمن البدارين


ملخص البحث:

المضاربة على العروض عقد بين طرفين يقدم
الطرف الأول مالا سوى النقود كمكيلٍ أو موزونٍ أو آلةٍ أو حيوانٍ أو عقارًٍ أو
غيرها ، والطرف الثاني يقدم جهده وخبرته فقط على أن يعمل في هذا المال ، ويكون
الربح بينهما نسبة شائعة ( مئوية ) بحسب ما يتفقان عليه ، فإن خسرت الشركة فصاحب
المال يتحمل خسارة المال ، ولا يخسر العامل غير جهده إلا إن كانت الخسارة بسبب
تقصيره فيتحمل مسؤولية تقصيرية حينئذ ، وقد اشترط جمهور الفقهاء ومنهم فقهاء
المذاهب الأربعة في المعتمد أن يكون رأس مال شركة المضاربة نقودا ؛ فلا يجوز عندهم
أن يكون غير نقود ( عروض ) ؛ فترتب على ذلك أن أكثر من نصف التعاملات التجارية
المبنية على المضاربة لا تصح عندهم لأن رأس مال المضاربة فيها عرض لا نقد ، بسبب
ذلك تضيع آلاف التعاملات التجارية والصناعية التي تحتاجها الأمة والتي توفر فرص عمل
هائلة فتقلل من البطالة ، وترفع دخل الفرد في الأمة فتساهم في زيادة الدخل القومي
، وتنمية المجالات الاقتصادية في الأمة وتطوير العمل التجاري والصناعي….


فقمت ببحث آراء الفقهاء في هذه المسألة
ووازنت بين أدلة المانعين والمجيزين وترجح لدي جواز كون رأس مال المضاربة من غير
النقود.

Abstract

Speculation of
offerings is a contract between two parties . The first party offers the
finance other than money
، such as something measured or weighed ، machinery ، animals ، realty or anything else . Whereas the second party offers only
his effort and experience . The profit will be a common percentage divided
between both parties according to what they have agreed upon . If the company
loses
، the loss falls upon the first party ؛ the second party loses his effort . But if the loss is due to
the second party’s remissness
، he will be responsible for it . Most jurisprudents – among them
are the jurisprudents of the four schools – conditioned that the capital of a
speculation company should be money
، not non-monetary ( offerings ) .


According to this
opinion
، more than half of the commercial dealings are illegal as the
capital of the speculation company is an offering
، not money . Because of this ، thousands of commercial and industrial dealings are missed .
Such dealings
، which are required by the nation ، would offer a large number of job opportunities ، reduce unemployment ، increase the individual income ، contribute to the increasing of the national income ، develop the nation’s economic fields ، commerce and industry .


I have discussed
the jurisprudents’ opinions in this issue
، compared the proofs of those who allowed and didn’t allow it .
For me
، the opinion of those who allowed it is preponderate . This
preponderance has been pursuant to the origin of the issue .

مقدمة:

الاقتصاد عصب الحياة ، فالحرب
الاقتصادية أشد فتكا اليوم في الأمم والشعوب من الحرب العسكرية ، فالفوائد
المتراكمة للديون الدولية ، وضعف الدول الإسلامية عن توفير المتطلبات الأساسية
للشعوب اللاهثة وراء حياة كريمة ، وقلة المصادر المالية والمشاريع الاقتصادية
وتكرارها دون إبداع لمشاريع جديدة وإنما تقليد للنماذج الغربية ، واعتماد الأمة في
مأكلها وملبسها ومشربها ودوائها وآلاتها وأسلحتها… على الأمم الأخرى ؛ جعل الأمة
الإسلامية أمة مستهلكة لا منتجة ، وتابعة لا متبوعة ، وفي ذيل القافلة بعد أن كانت
مقدمة الأمم ، وقمة القمم ، وشمسا تنير ظلمة البَهم.


وبما أن الشريعة الإسلامية هي الموجه
الرئيس لسلوك الشريحة الأكبر في الأمة وهي المقيد لتصرفاتهم التجارية من خلال
الوازع الديني الداخلي إن لم يكن بقوانين أقطارها الإسلامية.. فكان لا بد أن يبدأ
التغيير من هذه الشريعة الغراء الصالحة لكل زمان ومكان بأن تمسك الشريعة بزمام
المبادرة في تطوير الأمة وإخراجها من سباتها إلى عليائها…


وبما أن جزءا كبيرا من النتائج الفقهية
الموجهة لسلوكيات الأمة شارك فيها علماء الشريعة الغراء من الفقهاء والأئمة
الفضلاء لظنية النصوص واحتمالية دلالة أكثرها ، فعقل الفقهاء يعتبر مساهما وعاملا
رئيسا في بناء المنظومة الفقهية القانونية الإسلامية مع تأثرهم بعاداتهم وتقاليدهم
وصبغة عصرهم وطبيعة شخصياتهم ؛ فكان لزاما علينا إعادة النظر في الموروث القديم من
الثروة الفقهية الهائلة التي تركها لنا فقهاء الإسلام من خلال الرجوع إلى المصادر
الأصيلة من كتاب وسنة وإجماع وقياس وغيرها من الأدلة التبعية وإخراج تلك النتائج
عن سياقها التاريخي والعرفي التي نشأت فيه لتتوافق مع عصرنا وفق موجهات الشرع .


أهمية البحث في عصرنا:

ومن القضايا البالغة الأهمية في عصرنا
والتي لها مكانة مرموقة في تطوير الاقتصاد الإسلامي وتوسيع دائرة التعاملات
الاقتصادية في الحياة العملية والتعاملات التجارية وللبنوك الإسلامية والشركات
الرأسمالية مسألة ( المضاربة على العروض ) ، فجمهور الفقهاء يحرمون المضاربة على
العروض ولا يجيزون المضاربة إلا بالنقود .


فمثلا الغالبية العظمى من الذين يعملون
على سيارات الأجرة لغيرهم يعملون عليها مضاربة على نسبة شائعة من الربح لكن هذا
التصرف لا يصح عند جمهور الفقهاء ، ولو أراد بنك إسلامي أو مؤسسة أن تضارب خبراء
في شركة قائمة -ناشئة أو متعثرة – على نسبة من الأرباح فهذا لا يجوز ، ولو أراد
صاحب مؤسسة تجارية أن يدخل معه شريكا مضاربا لتطوير المؤسسة من خلال الاستفادة من
خبراته فهذا لا يجوز عند جمهور الفقهاء…


فأكثر من نصف التعاملات التجارية –
قديما وحديثا – المبنية على المضاربة لا تصح عند جمهور الفقهاء لأن مال المضاربة
فيها عرض لا نقد ؛ لأن المضاربة إما أن تكون على نقد أو عرض ، فالعرض يشكل نصف
التعاملات في المضاربة على الأقل ، بسبب ذلك تضيع آلاف التعاملات التجارية
والصناعية التي تحتاجها الأمة والتي توفر فرص عمل هائلة فتقلل من البطالة ، وترفع
دخل الفرد في الأمة ، وتساهم في زيادة الدخل القومي ، وزيادة الطبقة الوسطى وتخفيض
نسبة الطبقة الفقيرة ، وتنمية المجالات الاقتصادية في الأمة وتطوير العمل التجاري
والصناعي… تضيع هذه التعاملات ولا يستفاد منها إلا بطرق صعبة ملتوية بسبب تحريم
جمهور الفقهاء للمضاربة على العروض واشتراطهم أن يكون مال المضاربة نقدا لا عرضا.


كما أن المراد بالنقود عندهم هي تلك
المصنوعة من الذهب والفضة لا غير ، فالنقود الورقية والمعدنية في عصرنا من دينار
وريال ودولار وين وجنيه ويورو… والتي يسميها القدماء ” فلوسا ” لا
تجوز المضاربة عليها عند جمهورهم ؛ مما يعني انقراض أحد أهم روافد الاقتصاد
الإسلامي في عصرنا وهو شركة المضاربة ، فبدل أن نفتح آفاقا تجارية واقتصادية جديدة
ترانا نغلقها إذا بقينا مأسورين مكبلين بقيد التقليد لبعض آراء القدماء وإن كانوا
الجمهرة.


فلا بد أن نبحث هذه المسألة على أصولها
لنرى هل ما ذهب إليه جمهور الفقهاء صحيحا فيبقى المنع والتحريم أم غير ذلك فنفتح
مجالات اقتصادية كبيرة تساهم في رقي أمتنا وتقدمها.




لقراءةأو تحميل البحث كاملا الرجاء اضغط هنا


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى