الفتاوىفتاوى الأطعمة والذبائح

حكم قطع اللحامين رقبة الذبيحة أو حبلها الشوكي

 

 

 

السؤال:

أعمل لحاما، وعند ذبح الخروف على الطريقة الشرعية بقطع الودجين فإن الخروف يبقى يتحرك بعنف بعد ذبحه مما يؤدي إلى تناثر الدم هنا وهنالك، فلمنع تحركه بعد ذبحه أقوم بقطع حبله الشوكي بالسكين بإدخال السكين بين عظمات رقبته فيتوقف عندها عن الحركة.

الجواب:

الحيوان كالعجل والخروف عند ذبحه يموت بقطع الرقبة والودجين مع نزيف الدم الحاد الذبح لا بقطع الحبل الشوكي، فقطع الحبل الشوكي من الناحية العلمية لا يقتل وإنما يشل حركة الحيوان، وبهذا لا يكون هذا الفعل حراما؛ لأن الحيوان يموت بالتذكية الشرعية لا بكسر الرقبة.

لكن ينبغي التنبيه إلى أمر في غاية الأهمية وهو أن الذبح الشرعي يكون بقطع الودجين مع الحلقوم دون قطع الرقبة حتى يبقى الحبل الشوكي متصلاً بالرأس سليما لحكمة طبية عظيمة وهي تصفية جسد الذبيحة من معظم الدم الحال للأمراض والميكروبات الموجودة في الذبيحة، فعندما نقطع الودجين والرقبة ينقطع وصول الدم إلى الدماغ، فيتوقف وصول الأكسجين والغذاء الذي يحتاجه الدماغ فيرسل سيالات عصبية عن طريق الحبل الشوكي إلى القلب تحثه على إرسال إمدادات الدم إلى الدماغ، فيبقى القلب يضخ الدم إلى الدماغ، وهذا الدم بدوره يخرج من الرقبة المقطوعة، فيبقى الدماغ مستمرا بإرسال السيالات والإشارات العصبية إلى القلب الذي يستمر بدوره بسبب هذا الاتصال الدائم من الدماغ حتى يتصفى وينزل معظم الدم الموجود في جسد الذبيحة.

فقطع الرقبة كاملة أو قطع الحبل الشوكي يؤدي إلى انقطاع هذه السيالات العصبية (الاستغاثات) من الدماغ فتتوقف حركة الذبيحة ويتوقف أيضا ضخ الدم إلى الدماغ فتبقى كميات كبيرة من الدماء داخل الذبيحة، وهذا الدم الباقي فيه مفسدتان:

الأولى: صحية: حيث إن هذا الدم يحمل معظم سموم الجسد وفضلاته لأنه شبكة المواصلات العامة في جسد الذبيحة، وهذه الفضلات والميكروبات والأمراض التي تحملها هذه الذبيحة قد تؤثر سلبا على صحة المستهلكين لها.

الثانية: اقتصادية: حيث إن هذه الدماء الباقية في الذبيحة تشكل بضعة ليترات من الدم تزيد من وزن الذبيحة دون فائدة أو مضرة بالمشتري، فهذا الدم الباقي في العروق يزن على المستهلك دون وجه حق، وهذا فيه غش قد لا يظهر في ذبيحة واحدة ولكن يظهر بشكل جلي عند اللحامين الذين يذبحون كميات كبيرة من الذبائح بل إن بعض مصانع اللحوم تركز على قطع كامل الرقبة أو تذبح في غير البلاد الإسلامية عن طريق الصعق الكهربائي حتى يبقى جميع الدم في الذبيحة.

وهذا العجل فيه كميات كبيرة من الدم لو جمعناها مع الكميات الكبيرة الباقية في ذبائح العجول الأخرى لأبقى المصنع أطنانا من الدماء داخل أجساد الذبائح، يزنها على المستهلك على أنها لحم لحجزها داخله، فيربح ملايين الدنانير سنويا من وراء هذا الغش المتعمد.

لذلك أرى أن هذا الفعل من اللحامين لا يخلو من غش يحكم عليه بالكراهة إن كانت كمية الدم الباقية قليلة يتسامح الناس في مثلها ولا تؤثر على صحة المستهلك، وهو محرم شرعاً إن كانت كمية الدم المتبقية كبيرة لا يتسامح الناس في ثمنها عادة أو تؤدي إلى أضرار بهم عند أكلها مع اللحم.

أما ما ادعاه السائل من كثرة حركة الذبيحة فيمكن علاجه بذبحها في مكان مخصص للذبح -كما يفعل معظم اللحامين اليوم- فلا تؤثر كثرة حركتها أو كثرة نزفها حينئذ، فهذا عذر واه بعيد عن جلب الرخصة، والله تعالى أعلم.

مصدر الفتوى

كتاب: (فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب: للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين،
دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة:
الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (92-94).


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى