حكم الاحتفال بالمناسبات الوطنية والاجتماعية كيوم الأم والمرأة والعمال والشجرة…
حكم الاحتفال
بالمناسبات الوطنية والاجتماعية كيوم الأم والمرأة والعمال والشجرة…
السؤال:
هل
يجوز الاحتفال بيوم الأم، وغيرها من المناسبات الاجتماعية والوطنية كيوم العمال
والشجرة…؟
الجواب:
جَعْلُ
يومٍ لزيادة الاهتمام بموضوع وتسليط الضوء عليه لبيان عظيم قدره وبالغ أهميته كيوم
الأم أو العمال أو الاستقلال أو الأرض أو المرأة أو الشجرة أو غيرها من الأيام
الوطنية أو الاجتماعية لا حرمة فيه بشروط أهمها:
1.
أن لا يسمى عيدا؛ لأن
العيد لفظ شرعي لا يطلق إلا على ما سماه الشرع عيدا كعيدي الفطر والضحى وأيام
التشريق ويوم الجمعة، فجعله عيدا بالاسم أو الفعل مخالف لشريعتنا، والدليل على
تسمية أيام التشريق عيدا ما روي عن عائشة (أن أبا بكر، دخل عليها في أيام التشريق
وعندها جاريتان تغنيان وتضربان بالدف، فسبهما وخرق دفيهما، فقال رسول الله r: دعهما، فإنها أيام عيد)([1]). والدليل على تسمية
الجمعة عيدا ما روي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله r
يقول: (الجمعة عيد فلا تجعلوا يوم الجمعة صياما إلا أن يصام قبله أو بعده)([2]).
2.
أن تكون هذه المناسبة
لأمر عظيم أو شخصية مرموقة أو مناسبة مهمة كالأم أو يوم الاستقلال… ولا يكون في
أمر محرم وإلا كان حراما كالاحتفال بيوم الحب أو عيد الحب؛ لما فيه في الغالب من
دعوى إلى الخلاعة والدعوى إلى الفجور والفسق وفتح علاقات خارج حدود الشرع…
3.
أن لا يعتقد سنيته أو
ثبوته في الشرع من جهة الكتاب أو السنة أو فعل السلف الصالح…
4.
أن لا يتم إحياء هذه
الأيام بمعاص ويرافق الاحتفال بها ما يغضب الله تعالى، بل يركز فيها على المحاضرات
والندوات والخطب التي تبين رأي الإسلام العظيم لهذه المناسبات وعلاجه لما يصاحبها
من مشكلات، وقدرته الفريدة على حل كل المعضلات…
5.
أن لا يكون في العيد
إحياء لديانات بائدة، وعقائد فاسدة، كما يحدث في بعض بلاد المسلمين بإحياء أيام
كانت شعارا دينيا لبعض الديانات الوثنية أو الثنوية([3]) قبل الإسلام كما
يفعل البعض بإشعال نار عظيمة في أعياد المجوس عبدة النار، أو ما يفعله كثير من
الناس في بعض البلاد العربية أنهم يحتفلون بعيد الكريسمس المسيحي، وهو أمر محرم
شرعا؛ لأن الاحتفال به أصبح شعارا دينيا لا مجرد مناسبة اجتماعية.
ولا
يصح اعتبار هذه الأيام بدعا والاستدلال عليها بقول النبي r
في صحيح البخاري (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه، فهو رد)([4]) لأن البدعة المحرمة
ما كانت في أمر ديني بدليل قوله في الحديث (في أمرنا) أي ديننا، فبحسب مفهوم
المخالفة أن من أحدث في غير أمرنا هذا أي في غير ديننا فليس برد ولا بدعة.
والأصل
في مثل هذه الأمور وغيرها الإباحة ما لم يدل دليل على التحريم ولا دليل على
التحريم، وليس هو من باب تقليد الكفار؛ لأنها أيام عالمية لا تختص بدين معين، ولو
كان أصلها من الكفار فقد تغير وأصبح عادة عالمية.
كما
أن تقليد الكفار في الأمور المستحسنة التي ليست مختصة بهم وعلامة عليهم أو شعارا
لدينهم لا يكون ممنوعا شرعاً، بل الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها،
فاليهود كانوا يعظمون اليوم الذي نجى الله فيه موسى فعظمه نبينا محمد r بصومه وهو يوم عاشوراء، ففي صحيح البخاري عن
ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي r
لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم
نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله، فقال «أنا أولى بموسى
منهم» فصامه وأمر بصيامه)([5])، فنحن أولى بأمهاتنا
وزوجاتنا وعمالنا واستقلالنا وأرضنا وأشجارنا منهم، وهو أصل هام يمكن أن يقاس عليه
ويكون منطلقا لمثل هذه الأيام.
فعلى
هذا لا يحرم أن يزيد المرء بره بأمه مثلا في يوم الأم ويهديها هدية زيادة في برها،
لا أن يقصر بِرَّهُ بها في هذه الأيام فقط؛ لأن البر واجب بها طول السنة، وكذا
الأمر بالنسبة لزوجته في يوم المرأة أو عماله في يوم العمال أو تعقد الندوات
والاحتفالات في يوم الاستقلال عن المحتل والتنديد بتقسيمه وتفريقه للأمة عبر حدود
مصطنعة، وتثور الجماهير ممجدة المتمسكين بأرضهم الصابرين، والشهداء البارين،
والمقاومين المنتصرين في يوم الأرض…
مصدر الفتوى
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.