أَحْكَامُ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ فِيْ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ وَالقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الإِنْسَانِيّ, بمناقشة الدكتور ايمن البدارين

تَكْمُنُ القِيْمَةُ المَوْضُوعيَّةُ لهَذِه الدِّرَاسَة فِيْ مُعَالَجَة القَضَايا الفقهيَّة المُسْتَجدَّة، مَعَ تَكَاثُر مَكَامِنِ الصِّراعِ الإِنْسَانيِّ فِي البُؤَر السَّاخنة من العالمِ الإسلاميِّ بخاصَّةٍ، وفي المَشْهَدِ العَالَمِيّ بعامَّةٍ؛ لتتضمَّن درسًا فقهيًّا شاملًا؛ لمُخْتَلَفِ الأَحْكَامِ المُتَعلِّقَة بالمَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة، مَعَ مُقَارَنَتِهَا بالقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الإِنْسَانِيّ؛ بما يَنْسَجِمُ مَعَ مَبَادِئ الرِّسَالَة الإِسْلَامِيَّةِ الرَّاسِخَة؛ المُؤَسِّسة للتَّكريمِ الإلهيِّ للإنسان؛ في حَالَتَيّ: الحَيَاة، وَالمَوْت. وقد جاءت هذه الدِّراسَة؛ لبيَانِ حَيثيَّات مَوْضُوع “أَحْكَامُ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ فِيْ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ وَالقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الإِنْسَانِيّ”؛ بالوقوفِ علَى مَفْهومِ المَقَابر الجَمَاعِيَّة، في الفَصْل الأوَّل؛ وذلك في مستويات: اللُّغة، والاصطلاح، والقانونِ الدَّوليِّ. وتضمَّن أيضًا مُعَالَجَةً وصفيَّةً لأهمِّ أَسْبَابِ وُجُودِ المَقَابِر الجَمَاعِيَّة؛ في: جَرَائِمِ القَتْلِ وَالإِبَادة الجَمَاعيَّة، وَالكَوَارِث الطَّبيعِيَّة، الأَمْرَاض والأَوْبِئَة. ثمَّ حَضَرت المُعَالَجَة التَّفْصِيْلِيَّة، فِيْ الفَصْلَيْن: الثَّانِي، وَالثَّالِث؛ بالاستناد إلى الدَّرْسِ الاسْتِدلَاليِّ المُقَارن؛ خُلُوصًا إِلَى اسْتِقْرَاء الأَحْكَامِ الكُلِّيَّة؛ فِيْ الحَيْثِيَّات الفِقْهِيَّة المُخْتَلِفَة؛ فَكَان الفَصْلُ الثَّانِي فِيْ الأَحْكام الفِقْهيَّة المُتَعلِّقة بالمَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة؛ وتمحورت المعالجة فيه ضمن مبحثَيْن اثنَيْن؛ في: حُكْم دَفْن أَكْثَر مِنْ شَخْصٍ في قَبْرٍ وَاحِدٍ، وَالأَحْكَام المُتَعلِّقة بالدَّفْنِ الجَمَاعيِّ. أَمَّا الفَصْلُ الثَّالِث؛ فَخُصِّصَ لمُنَاقَشة أَحْكَام نَبْشِ المَقَابِر الجَمَاعِيَّة فِيْ الفِقْهِ الإِسْلَاميِّ والقانونِ الدَّوليِّ الإِنْسَانِيّ، في ثلاثةِ مَبَاحث؛ هِيَ: أَسْبَابُ نَبْشِ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة، وَالأَحْكَام المُتَعَلِّقَة بنَبْشِ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة وَمَوْقِف القَانُون الدَّولِيِّ الإِنْسَانِيّ مِنْهَا، وَنَقْل رُفَات المَقْبُورين والأَحْكَام المُتَعلِّقة فيه. ثمَّ انتقلتُ بالبَحْثِ من المُدَارَسات النَّظريَّة، والمُقَارَبات التَّحليليَّة، إلى النَّماذِجِ الوَاقِعِيَّة؛ حَيْثُ تَنَاوَلْتُ فِي الفَصْلِ الرَّابِعِ بَعْضَ النَّمَاذِجِ، مِن الأَمَاكِنِ الَّتِي عُثِرَ فِيْهَا عَلَى مَقَابِرَ جَمَاعِيَّةٍ؛ وَذَلِكَ فِيْ أَرْبَعَةِ مَبَاحِث؛ هِي: البُوْسنَة وَالهِرْسك (مَجْزَرَة سَرْبرنيتسا)، وَالعِرَاق (مَجْزَرة قَاعِدَة سَبَايكر)، وَسُوريَا (الهُجُومُ الكِيْميائِيّ عَلَى الغُوطَة)، ولِيْبْيَا (مَجْزَرةُ تَرْهُونَة.
جَامِعَةُ النَّجَاحِ الوَطَنِيَّة
كُلِيَّةُ الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا
أَحْكَامُ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ فِيْ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ وَالقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الإِنْسَانِيّ
إِعْدَادُ
مَحْمُود مُحَمَّد يُوسُف أَبُو سَيْفَيْن
إِشْراف
أ. د. جَمَال أَحْمَد زَيْد الكيلاني
المناقش والممتحتن الخارجي
الدكتور ايمن عبد الحميد البدارين
قُدِّمَتْ هَذِه الأُطْرُوحَة؛ اسْتِكْمَالًا لمُتَطَلَّبَاتِ الحُصُولِ عَلَى دَرَجَةِ المَاجِسْتِيْر فِيْ الفِقْهِ وَالتَّشْرِيْع، بِكُليَّة الدِّرَاسَاتِ العُلْيَا فِيْ جَامِعَةِ النَّجَاحِ الوَطَنِيَّة فِي نَابُلس، فِلَسْطِيْن.
2020م
الإِهْدَاء
بِسْم اللهِ الرَّحْمَن الرَّحِيْم
بِدَايَةً أُهْدِي هَذَا العَمَلَ المُتواضِعَ إِلَى خَيْرِ البَشَر، وَرَائِد الخَيْر، سَيِّدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّم.
إِلَى نَبْعِ قُوَّتِي، مَنْبَع الحَنَان والوقار…إِلَى مَنْ سَارَا مَعِي فِي طَرِيْق الحَيَاةِ كَسَيْرِ المَاء فِيْ مَجْرى الأَنْهار… فتَدَفَّقَت مِنْهُ الأَزْهَار، (وَالِدَيّ العَزِيْزَيْن الحَبِيْبَيْن).
إِلَى أَرْوَاحِ الشُّهَدَاء الأَكْرَمِيْن …
إِلَى أَسَاتِذَتِي الأَفَاضِل أَجْمَعِيْن …
إِلَى كُلِّ عَالِمٍ وَطَالِبِ عِلْمٍ يُخْلِصُ عِلْمَه، وعَمَلَهُ للهِ تَعَالَى …
إِلَى زُملائِي فِي مَرحَلَةِ الدِّراسَات العُلْيَا …
إِلَى الغَيُورِيْنَ عَلَى الشَّريعَةِ الإِسْلَامِيَّة …
أُقَدِمُ هَذَا العَمَلَ المُتَواضِعَ لَهُم …
رَاجِيًا مِن اللهِ القَبُول.
البَاحِث: مَحْمُود مُحَمَّد يُوسُف أَبُو سَيْفَيْن
الشُّكْرُ وَالتَّقْدِيْر
أَحْمَدُ للهَ العَلِيَّ القَديرَ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ، وَأَكْرَمَنِي وَوَفَّقَنِي لِكِتَابة هَذِه الرِّسَالة، وَامْتِثَالًا لِمَا عَلَّمَنَا إِيَّاهُ نَبِيُّنَا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ، حَيْثُ قَالَ: “لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ”([1])، فَإِنَّني لَا أَنْسَى كُلَّ مَنْ سَاعَدَنِي، وَقَدَّمَ لِي النَّصِيْحة؛ حَتَّى وَصَلَت الرِّسالَة إِلَى مَا هِيَ عَلَيه، لِذَا فَلَهُم جَزِيْلَ الشُّكْرِ والتَّقْدير، وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُسَهِّلَ لَهُم طريقَ الخَيْر.
وَأَخَصُّ بالشُّكْرِ، وعَظيم الامْتِنان مَنْ أَشْرَفَ عَلَى رِسَالَتِيْ؛ الأُسْتَاذ الدُّكْتور الفَاضِل: جَمَال أَحْمد زَيْد الكِيْلَانِيّ؛ عَمِيد كُلِّية الشَّرِيْعَة فِيْ جامعَة النَّجَاحِ الوَطَنِيَّة – نَابُلس، الَّذِي سَارَ مَعِي فِي كُلِّ لَحْظَةٍ عِنْدَ كِتَابَتِي للرِّسَالة، فَتَكَلَّت تَوْجيهَاتُه بنجاح الرِّسَالة؛ حَتَّى أَتْمَمْتُ هَذَا العَمَلَ، فَجَزَاهُ اللهُ كُلَّ خَيْرٍ وَنَفَعَ بِه، وَزَادَه مِنْ فَضْلِهِ العَظِيْم، وَرَفَعَ دَرَجَتَه فِيْ عِلِّيِّيْن، آمِيْن، آمِيْن، آمِيْن.
كَمَا أنَّني أَتَوَجَّه بِجَزِيْل الشُّكْرِ، للمُناقِشَيْن الفَاضِلَيْن؛
المُناقش الخَارجيّ الدُّكتُور أَيْمَن عَبْد الحَمِيْد البَدَارِين.
وَالمُنَاقِش الدَّاخِليّ الدُّكتُور مَرْوَان عَلِيّ القَدُّومِيّ.
وذلك لما قدَّماه مِنْ جُهْدٍ فِيْ تَعْدِيْلِ الرِّسَالة، وَإِبْدَاءٍ للمَلْحُوظَات السَّدِيْدَة؛ وَذلكَ فِي سَبيلِ إِخْراج الرِّسَالَة عَلَى الوَجْهِ المَطْلُوبِ عِلْمِيًّا، وَكَمَا أنَّني أَشْكُرُ أَيْضًا صَدِيْقِيْ، وَزَمِيْلِي فِيْ مَرْحَلَةِ البَكَالُوريُوس الأُسْتاذ مُوسَى أَحْمَد خَلَايلَه؛ لِمَا بَذَلَهُ مِنْ جُهْدٍ فِيْ هَذِه الرِّسَالَة
فِهْرِسُ المُحْتَوَيَا
أَحْكَامُ المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّةِ فِيْ الفِقْهِ الإِسْلَامِيِّ وَالقَانُونِ الدَّوْلِيِّ الإِنْسَانِيّ
إِعْدَادُ
مَحْمُود مُحَمَّد يُوسُف أَبُو سَيْفَيْن
إِشْرَاف
أ. د. جَمَال أَحْمَد زَيْد الكِيْلَانِيّ
المُقدِّمَة
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْن، وَالصَّلَاة وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِه أَجْمَعِيْن، وَالتَّابِعِيْن وَتَابِعِيْهم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْن، أَمَّا بَعْد:
فَإِنَّ اللهَ تَبَاركَ وَتَعَالَى قَدْ خَصَّ هذه الأُمَّة بخير شرائعه، وهي الشَّريعة الخالدة إلى يوم القيامة، الَّتي لا يعتريها النَّقص، ولا يشوبها الخلل، وقد جاءت هذه الشَّريعة بأحكامٍ عديدةٍ تشمل نواحي الحياة كافَّةً، ومن الأمور الَّتي بيَّنتها الشَّريعة الإسلاميَّة المَقَابر، وما يتعلَّق بها من أحكامٍ بشكلٍ عامٍّ، وأحكام المقابر الجماعيَّة بشكلٍ خاصٍّ.
ولا يخلو تاريخُ أيِّ أُمَّةٍ من الأُمَمِ عَبْرَ مَسِيْرَتِهَا التَّاريخيَّة الطَّويلة، مِنْ أَحداثٍ تتَّصِفُ بالعُنْفِ والقتل والدَّمويَّ، ويكادُ هذا الأمرُ يكونُ صفةً ثابتةً في تاريخِ المُجْتَمَعَات البشريَّة، كما أنَّ هناك العديد من المَجَازر والكوارث الطَّبيعيَّة وجرائم الإبادة الجَمَاعيَّة، ومثل هذه الأمور تشتركُ في شيءٍ مهمٍّ، وهو الأعداد الهائلة من الضَّحايا، وقد يلجأ النَّاسُ في هذه الأحوال إلى استخدام المَقَابر الجماعيَّة؛ للتَّخلُّص من الجثث؛ منعًا من انتشارِ الأَمْرَاض الوَبَائيَّة، أو إخفاءً للجرائم.
ومثلُ هَذِه الكَوَارِث والمجازر؛ تُظْهِرُ لنا أهمِّيَّة معرفة التَّعامل مع المَقَابِر الجماعيَّة؛ وما يتعلَّق بها مِنْ أَحْكَامٍ شرعيَّةٍ وقانونيَّةٍ، وذلكَ في حَالَةِ الوَفَاة بسببٍ غَامِض، وتمَّ الدَّفنُ دون معرفة السَّبب، فإنَّ ذلك يتطلَّب فتحَ القبر وما يتبعَه مِنْ إِجْرَاءَات وتحقيقَات …
والإنْسَانُ بعدَ المَوت، يُصبِحُ جُثَّةً هامِدَةً، فيجبُ احترامُه بدفنِه في مكانٍ لائقٍ به كَمَا هوَ حيًّا، وعلَى هذا نصَّ الشَّرعُ الإِسلامِيّ، وكذلك القَانُون الدَّوليّ الإنسانِي، وَكُلُّ التَّشريعات تقضِي بتوفير الحِماية للمَوتَى من جميع الأَدْيَان، وتُحرِّمُ الاعتدَاءَ علَى القُبور، أو نَبْشِهَا إلَّا في حَالات الضَّرورة، وهذا يرجِع تقديرُه للمُخْتَصِّين، وهذا يتطلَّبُ من العُلماء بحْثُه؛ لمَا لهُ مِنْ أَهميَّةٍ في هذا الرِّسَالَة.
الدِّراسَاتُ السَّابقة:
بعدَ النَّظر الفَاحِص، والتَّتبُّع الدَّقيق، للكُتُب والأَبْحَاث والرَّسائل والأطارِيح العِلْمِيَّة في الجَامِعَات؛ لَمْ أَجِدْ بحثًا عالَجَ هذا الموضُوع على نَحْوٍ مستقلٍّ شاملٍ، وإنَّما وجدت بعض الدِّراسات الَّتي قاربت أحكام الجنائز، على نحوٍ عامٍّ؛ ومنها:
- كِتَابٌ بِعُنْوان: “أَحْكَامُ المَقَابِر فِيْ الشَّريْعَةِ الإِسْلامِيَّة“، وَأَصْلُه رِسَالَة مَاجِستير، مِنْ كُلِّيَّة الشَّريعة بجامعة الإمام مُحَمَّد بن سُعُود الإسلاميَّة، في عام 1418ه، صَدَرت عن دَار ابن الجَوْزِيّ، للمُؤلِّف: عَبْد الله بن عُمَر بن مُحَمَّد السَّحِيْبَانِيّ، وهي رِسَالَةٌ متميزةٌ شَاملَةٌ لجميع الأحكام المُتَعَلِّقَة بالمَقَابِرِ مِنْ تعريفات وأحكام القبر قبل الدفن وصفته وأحكام الدفن والأحكام المتعلقة بالميت المقبور وأحكام زيارة القبور وأحكام النبش، وقد أجاد خير الإجادة في عرض المسائل الفقهية.
- أَحْكَامُ الجَنَائِز: للدُّكْتُور سَعِيْد بن عَلِيّ بن وَهْف القَحْطَانِيّ، تَكَلَّمَ فيه عَن الجنائزِ، وَأَحْكَامِهَا وَتناولَ الأَحْكَام المُتَعَلِّقة بالقَبْرِ والدَّفْن.
- المَقَابِرُ أَحْكَامٌ وَأَخْطَاءٌ وَتَجَاوزات: إعداد مُحَمَّد فنخور العبدلي، تكلَّم فيه عن فضل التعزية وحكمها، وعن وقت التَّعزية، والقيام على القبر بعد الدَّفن، وعلى الوقوف في المقبرة صفًا لتلقي العزاء، وغيرها من الأحكام المُتعلِّقة بالتَّعزية والقبور، وهو بحثٌ مُخْتَصَر.
- التَّعَامُلُ مَعَ المَوْتَى مِنْ مَنْظُورِ الشَّريعَةِ الإِسْلَامِيَّة: اعتبارات الطِّبّ الشَّرْعِيّ فِي مَجَالِ العَمَلِ الإِنْسَانِيّ: الدُّكتور أحمد الدَّاودي، مُستشارُ القَانُون الإِسْلَامِيّ في اللَّجْنةِ الدَّوْلِيَّة للصَّلِيْبِ الأَحْمَر بجِنِيْف، تكلَّم فيه عن البحث عن الموتى وجمعهم، وإعادة الرفات والأمتعة الشَّخصية الخاصة بالموتى، والتَّعامل مع الموتى؛ مثل التَّعامل مع رُفَات المَوْتَى المُسْلمين، والتَّعامل رفات الموتى غير المسلمين، والقبور الجماعية، والدَّفن اللَّائق دون تمييز مُجحف، وتحريم التمثيل بجسد العدو، وغيرها، وهو بحثٌ منشور في مجلَّة الإِنسانيّ، وهي مجلَّةٌ تصدرُ عن المركز الإقليميّ للإعلام_ اللَّجنةُ الدَّوليَّة للصَّليب الأَحْمَر.
وما يُميِّز بَحْثِي هَذَا:
- أنَّه الوحيد الَّذي أفرد دراسةً علميَّةً شاملةً للمقابر الجماعيَّة.
- أنَّه جَاء في دراسةٍ منهجيَّةٍ؛ على نحوٍ علميٍّ مُوَثَّقٍ مضبوطٍ.
- أَنَّه جاء لتَرْسيخِ الدَّرْس المُقَارن؛ بينَ الفِقْه الإسْلَاميِّ والقَانُون الجِنَائيِّ الدَّوليِّ.
أَهمِّيَّة الدِّراسَة:
- أهمِّيَّةُ مَعْرِفَة أَحْكَام المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة؛ مِنْ خلالِ نُصُوصِ القُرْآن الكَرِيم وَالسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفَة، وَأَقْوَال العُلَماء، وَمَوْقِف القَانُون الدَّوليّ الإِنسَانِيّ.
- أهمِّيَّةُ هَذَا المَوْضُوع؛ لِمُلامَسَتِه حَاجة النَّاس، فِي ضَوْءِ تَكاثُر الكوارث والمَجَازر!!.
- مَعْرِفَةُ أَحْكَام الدَّفْن الجَمَاعِيّ.
- لم يُبحَث من مختلف جوانبه؛ على نحوٍ مستقلٍّ؛ بالصُّورة الشَّاملة المطلوبة.
- إِنَّ ديننا الحنيف جاء مميَّزًا من بين أديان الأمم السَّابقة وحضاراتها؛ في أحكامه المُتَعلِّقة بالمقابر الجماعيَّة؛ ولذلك توجَّب علينا بيان أحكامها التَّفصيليَّة وما يتعلَّق بها.
- الاطِّلاعُ عَلَى نَمَاذِج من المَقَابرِ الجَماعيَّة.
أَهْدَافُ الدِّراسة:
تَهْدِفُ هذه الدِّراسة إلى الأُمُور الآتية:
- تصويبُ الأخطاء والمَحَاذير الَّتي يقع النَّاس فيها؛ في التَّعامل مع المقابر الجماعيَّة.
- تبيينُ الأَحْكَام الشَّرعيَّة المختصَّة بالمَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة، وجمعها في مَوْطِنٍ واحدٍ؛ حتَّى يَسْهُلَ الرُّجُوعُ إِليها.
- تَسْلِيْطُ الضَّوْء عَلَى نُصُوص هذه الشَّريعة الغَرَّاء؛ في معالجة الأحكام الفقهيَّة المُخْتَلِفَة؛ لترسيخ التَّكريمِ الإلهيِّ؛ في المستويات البشريَّة كافَّةً.
- الإسهـامُ في مُعَالَجَة كَثيرٍ من القَضَايَا وَالمُسْتَجَدَّات الوَاقِعيَّة؛ فِيْ ضَوْءِ الشَّريعَة الإِسْلَاميَّة؛ وأحكامها الفقهيَّة.
- بيانُ مَوقِف القَانُون الدَّوْلِيّ الإِنْسَانِيّ مِن المَقَابِرِ الجَمَاعِيَّة.
- توضيحُ مَوْقِف القَانُون الدَّوْلِيّ الإِنْسَانِيّ من نَبْشِ المَقَابر، أو فتحها.
- بيانُ أسباب نبش المقابر الجَمَاعيَّة في القَانُون الدَّوليّ الإنسانيّ، ومدى موفقتها للشَّريعَة الإِسلاميَّة.
مُشْكِلَةُ الدِّراسَة:
تتمثَّل مُشْكِلَةُ الدِّرَاسَةِ فِيْ بَيَانِ الأَحْكَامِ التَّفصِيْلِيَّة للمقابر الجماعيَّة في الفقهِ الإِسْلَاميِّ مع مقارنتها بتشريعات القانونِ الدَّوليِّ الإِنْسَانِيّ.
وَتُحَاوِلُ هذِه الدِّرَاسَة تَجْلِيَة المُشْكِلَة؛ مِنْ خِلَالِ الإِجَابَةِ عَن الأَسْئِلَةِ الآتِيَة:
- ما هيَ أَسْبَابُ وُجود المَقَابِرِ الجَمَاعيَّة؟.
- ما الأَحْكَام الفقهيَّة المُتَعلِّقة بالمقابر الجماعيَّة؟.
- ما حُكْمُ دَفن أكثر من شخص في حالة عَدَم الضَّرُورة؟، وكذلك في حالة الضَّرُورة؟.
- هل هناك مُدَّة مُعيَّنَة؛ لكَيْ يَصِيْرَ المَيِّتُ في القَبْرِ باليًا؟، وما هو ضابِطُ ذلك؟.
- ما هيَ أَسْبَابُ نَبْشِ المَقَابر الجمَاعيَّة؟.
- ما هي الأَحكامُ المُتعلِّقة بالمَقَابر الجمَاعيَّة عندَ نَبْشِهَا فِيْ الفِقْه الإِسْلامِيّ، والقَانُون الدَّوليّ الإِنسَانِيّ؟.
- ما هيَ الإجراءاتُ المُتَّخَذَة بعد فَتْحِ المَقَابِر الجَمَاعيَّة مِنْ وِجْهَةِ نَظَرِ الفِقْه الإِسْلامِيّ، والقَانُون الدَّوليّ الإِنسَانيّ؟.
- ما هو مَوقفُ القَانون الدَّوليّ الإنسانيّ من نقل رُفات المَقْبُورين؟.
- ما هي الضَّوابط المُتَّبعة لنبش المقابر في القَانونِ الدَّوليّ الإنسانيّ؟.
- هل هناك نَمَاذج مِن المَقَابر الجَمَاعِيَّة؟.
مَنْهَجِيَّةُ الدِّرَاسَة:
التَزَمْتُ فِي هَذِه الدِّرَاسَةِ بالضَّوابطِ العِلْمِيَّة المُخْتَلِفَة؛ فِيْ الإِطَارَيْن: المَنْهَجِيِّ، والتَّنفيذيِّ؛ وذلك عَلَى النَّحْوِ الآتِيْ:
- الإِطَارُ العِلْمِيّ:
اتَّبعْتُ فِيْه المُقَاربات البَحْثيَّة، للأَحْكَامِ الفِقْهِيَّة، وَالمَوَادِّ القانونيَّة؛ والمَنَاهِج العِلْمِيَّة الآتية:
- المَنْهَجُ الوَصْفِيّ: لبيان المَفَاهيم، وَضَبْط الحُدُود، واسْتِجْلَاء المُسَبِّبات.
- المَنْهَجُ الاسْتِدْلَالِيّ: وذلكَ مِنْ أَجْلِ مُدارَسة حيثيَّات النُّصُوص القُرْآنيَّة الكَرِيْمَة، والأَحاديث النَّبويَّة، فضلًا عن المَوَادِّ القَانُونيَّة.
- المَنْهَجُ التَّحْلِيْلِيّ: وذلكَ ضِمْن المُقَارَنة بَيْنَ الأَحْكَام الفِقْهِيَّة الإِسْلَامِيَّة، المُسْتَمَدَّة مِن المَصَادِرِ التَّشْرِيْعِيَّة، والأُطُرِ القَانُونيَّة البَشَرِيَّة، المُتمثِّلَة في التَّشريعاتِ الجِنَائيَّة الدَّوليَّة.
- المَنْهَجُ الاسْتِقْرَائِيّ: بُغْيَةَ الوُصُولِ إِلَى نَتَائِج الدَّرْسِ الفقهيِّ القَانُونيِّ المُقَارَن؛ باسْتِخْلَاصِ الأَحْكَامِ العَامَّة للمَقَابِر الجَمَاعِيَّة.
- الإِطَارُ التَّنفِيْذِيّ:
تمثَّلت في هذه الدِّراسة الأسس العلميَّة المنهجيَّة التَّنفيذيَّة الآتية:
- اتِّباعُ المَنْهَج العِلْمِيّ، في بِنَاءِ المَضَامِيْن البَحْثِيَّة؛ المُسْتَهَلَّة ببيان المَفَاهِيْم المُصْطَلَحِيَّة، والمُسْتَتْبَعة بدراسة الأحكام التَّفصيليَّة الفقهيَّة والقانونيَّة، والمُنْتَهِية إلى النَّمْذَجَة الواقعيَّة.
- مُرَاعَاةُ الضَّوَابِطِ العِلْمِيَّة، فِي البِنَاءِ الهَيْكَلِيِّ؛ بتقسيم الدِّراسة إلى: فُصُول، وَمَبَاحث، وَمَطَالب.
- الالتزامُ بمَرَاتِب البِنَاءِ العَامِّ؛ وفقَ القَوَاعِد الرَّاسِخَة فِي البَحْثِ العِلْمِيِّ؛ من: مُلخَّصٍ، ومُقدِّمةٍ، ومتنٍ، وَخَاتمةٍ، وفهارسَ.
- التَّمهيدُ للمسألة المُرَاد بحثها؛ ببيان المصطلحات، وتجلية المفاهيم، وتوضيح المُسبِّبات، قبل بيان الأحكام.
- نِسْبَةُ الآياتِ القرآنيَّة إِلَى سُوَرِهَا وَتَرْقِيْمِهَا.
- عَزْوُ الأَحَادِيْث النَّبَويَّة الشَّريفَة إِلَى مَصَادِرِهَا الأَصِيْلَة مَعَ تَخْريجٍ لها، وحُكْمٍ عليهَا.
- توثيقُ المَعْلُومَاتِ مِنْ مَظَانِّها؛ وفقَ القَوَاعِد المَنْهَجِيَّة الدَّقيقة؛ أَمَّا مَا اسْتَوْحَيْتُه مِنْ كَلامِ عُلَمَائِي وَأَسَاتِذَتِي ومُنَاقِشَيّ، وكذلك ما اسْتَنْتَجْتُه مِنْ قِرَاءَاتِي، أو تأمُّلاتِي الخَاصَّة؛ فَلَم أُشِرْ إِلَى مَرْجعٍ فِيه.
- إِحْرَازُ الدِّقَّةِ العِلْمِيَّة، في الاسْتِلَالِ والنَّقل؛ بالمُمَايَزة بين المَرَاتِبِ المُخْتَلِفَة: الكُلِّيَّة، والتَّصرُّفيَّة، والإجماليَّة، والإحاليَّة.
- استخدامُ المُخْتَصَرَات الرَّمزيَّة، المُعْتَمَدَة فِيْ البَحْثِ العِلْمِيِّ؛ مِنْ قَبِيْل: (دون طبعة: د. ط)، (دون تاريخ: د. ت)، (دُون مَكَان نَشْر: د. م)، (دُوْن نَاشِر: د. ن)، وإذا لمْ يكُن هناك مُحقِّقٌ للكتابِ، فلا أضعُ شيئًا.
- التَّنويعُ في المَصَادِر والمَرَاجِع؛ بَدْءًا بالمَصَادِرِ الشَّرعيَّة الأَصِيْلَة، ومرورًا بالمرجعيَّات الحديثة: (الكُتُب، والأَبْحَاث المنشورة، والرَّسائل والأطاريح الجامعيَّة)، ووصولًا إلى المقالات الشَّبكيَّة، والموادِّ المَسْمُوعَة والمرئيَّة.
- اخْتِزَالُ أَهَمِّ النَّتَائِجِ العِلْمِيَّة؛ الَّتي تَوَصَّلْتُ إِلَيْهَا في أَثْنَاء الدِّراسة، وَوَضْعها في الخَاتِمَة، مع تقديم التَّوصيات البَحْثيَّة؛ في المضامين ذات الصِّلة بِعُنْوَان الدِّراسَة.
- وَضْعُ فَهَارِسَ مُتَخصِّصةٍ؛ في أُطُر: الآيات القرآنيَّة الكريمة، والأحاديث النَّبويَّة الشَّريفة، والمضامين البحثيَّة، والمَرَاجع والمَصَادِر، الَّتي اتَّكأت عليها الدِّراسة.
([1]) أَخْرَجَهُ الإمَامُ أبو دَاود واللَّفظُ له، سُلَيْمان بن الأَشْعث بن إِسْحَاق بن بَشير بن شَدَّاد بن عَمْرو الأَزْدِيّ السِّجِسْتانيّ، سُنَنُ أَبِيْ دَاود، تحقيق: الشَّيخَان شُعَيْب الأَرْنَؤوط وَمُحَمَّد كامِل قُرَّه بَلَلِي، ط1، بيروت: دَارُ الرِّسالَة العالَميَّة، 1430هـ – 2009م، أَوَّلُ كِتَابِ الأَدَبِ، بَابٌ فِيْ شُكْرِ المَعْرُوف، الحديث: (4811)، (7/ 188)، قال المُحقِّقَان: إِسْنَادُهُ صَحِيْحٌ. وأَخْرَجَهُ التِّرمذيُّ، أبو عِيْسَى مُحَمَّد بن عيسى بن سَوْرة بن مُوسَى بن الضَّحَاك، الجَامِعُ الكَبِير، تحقيق: أ.د. بَشَّار عَوَّاد مَعْرُوف، بيرُوت: دَارُ الغَرْبِ الإِسْلَامِيّ، 1998م، أَبْوَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الشُّكْرِ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ، الحديث: (1954)، (3/ 403)، قالَ الإمامُ أبو عِيْسَى: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيْحٌ.
لتحميل كامل الرسالة يرجى الضغط على هذا الرابط:
🔗 رابط التحميل | ⬇️ عدد التحميلات |
---|---|
اضغط هنا للمعاينة والتحميل | 24 |
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.