التنظيم القانوني لأسواق الأموال ما بين الشريعة والقانون, بمناقشة الدكتور ايمن البدارين

التنظيم القانوني لأسواق الأموال ما بين الشريعة والقانون
“دراسة مقارنة”
The legal Regulation of Stock Markets between Sharia and Law
إعداد الطالب:
هشام خليل بصبوص
الرقم الجامعي:
201620216
باشراف د. يوسف شندي و د.خير الدين طالب
المناقش الخارجي الدكتور ايمن عبد الحميد البدارين
قُدمت هذه الرسالة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون التجاري
الجامعة العربية الأمريكية
قسم الدراسات العليا
تخصص القانون التجاري.
الإهداء
أُهدي ثمرة هذا البحث:
إلى اللذين ما انفكا عن تقديم الغالي والنفيس في سبيل نجاحي وتوفيقي… والدايّ.
إلى سندي ومعتمدي في الحياة… أخي وأخواتي.
إلى المدافعين عن الحق… زملائي المحامين.
إلى حرّاس الدين والعقيدة… حملة الدعوة في كل مكان.
المقدمة:
لا يخفى على أي إنسان بأن اقتصاد أي دولة من دول العالم يشكل أحد أهم أسباب قوتها ونفوذها، إذ لا تخلو أمةُ من الأمم على مدار التاريخ ولا حضارة من الحضارات، إلا وكانت تسعى دائما للسيطرة والهيمنة على باقي الشعوب وخاصة في جانب الاقتصاد والأموال، فلا عجب أن نرى الدول العظمى تُولي إهتماماً حثيثاً بالنسبة لاقتصادها وتجارتها سواءً العالمية منها أو المحلية، ويدخل من ضمن ذلك اهتمامها بأسواق الأموال التي تعتبر أهم مقومات النظم الاقتصادية الحديثة في هذا الزمان، لما لها من دور كبير في تقوية البنية التحتية الاقتصادية من خلال زيادة حجم الاستثمارات في البلاد، ودفعها لإقامة المشاريع التنموية، مما جعل البعض يعتبرها رمزاً من رموز السيادة والاستقلالية.
ففي الوقت الذي شهد فيه العالم أزمات مالية عصفت بعدد من الدول حول العالم، تتوجه الأنظار إلى زيادة الاهتمام بالأسواق المالية، فإن تراجها يعني بالضرورة تراجع وتردّي الوضع الاقتصادي برمّته، وانطلاقاً من هنا سيتم تسليط الضوء في الدراسة التي بين أيدينا على أسواق المال بشكل عام وعلى تناول تكييفها بشكل مقارن ما بين الشريعة والقانون بشكل خاص.
ومن جانب آخر فإن عصرنا الحديث بعد أن شهد تراجعاً حضارياً ملحوظاً للعرب والمسلمين، وضعفت صلة أحكام الدين –عموماً- بالواقع ومستجداته المعاصرة، فنشأت العديد من المعاملات الحديثة بعيدة عن التكييف الفقهي، وظهرت أسواق غير منضبطة بأحكام الشرع، وعلى رأسها الأسواق المالية، والتي تمثل جزءاً كبيراً من ثروات البلاد، فإنها إن لم تكن خاضعة للنظم والضوابط الشرعية، فإنها بلا شك ستتحول إلى مسرح للعبث بثروة البلاد ومجالاً للكسب الحرام، ومن هنا أيضاً كان لابد من بحث التكييف الشرعي أو الفقهي لأهم عقود ومعاملات وإجراءات الأسواق المالية.
وإن أمل بناء أسواق مالية إسلامية قد أصبح يلوح بالأفق، سيّما وأنه حُلُم كل مسلم في العالم، ولكن -ومما لا شك فيه- أن أُولى الخطوات وأهمها في عملية بناء وتأسيس مثل هذه الأسواق، تكمن في مدى توفر ووجود أدوات مالية إسلامية يمكن تداولها في مشروع الأسواق الإسلامية، فمن المؤكد أن تنوع وتطور الأدوات المالية وإتاحة أكثر من بديل أمام المستثمرين يُضفي النجاح والتميز على أداء الأسواق المالية، ويعتبر من أبرز عوامل نموّها وتطورها.
وبالانتقال إلى وضعنا الحالي في فلسطين، فإنه قد تم بداية طرح المشروع “وهو إقامة سوق مالية” من قبل أكبر شركة فلسطينية قابضة تم تأسيسها في ذلك الحين، والتي تُدعى شركة (باديكو)، فقد تم تسجيل شركة فلسطين للتنمية والاستثمار المحدودة (باديكو) في عام 1993 كشركة أجنبية مساهمة قابضة، لتتسلسل الأحداث بعد ذلك في توقيع اتفاقية التشغيل عام 1996، ثم ولأول مرة في تاريخ فلسطين، تم تأسيس سوق لتداول الأوراق المالية في عام 1997، سمّي بـ(سوق فلسطين للأوراق المالية)، وتم تغيير الاسم إلى: (بورصة فلسطين) عام 2010 بموجب قرار صادر عن هيئة سوق رأس المال، إذ تم تحويل شركة فلسطين للأوراق المالية إلى شركة مساهمة عامة، ومن ثم العمل على تأسيس شركة مساهمة خاصة سمّيت ببورصة فلسطين، وتمت توليتها سائر الصلاحيات والمسؤوليات المتعلقة بتداول الأوراق المالية، إذ إنها تعتبر السوق الوحيدة والحصرية المخوّلة بتنظيم الإجراءات المتعلقة بعمليات تداول الأوراق المالية وإدارة عمليات التسوية ونقل الملكية وإقامة مركز للإيداع والتحويل في فلسطين، وقد كانت تتمتع بالاستقلال إلى درجة أنه كان لها الصلاحية بإصدار أنظمة وتعليمات خاصة بها تنظم نشاطاتها المختلفة وتحكم عمل الوسطاء الأعضاء في السوق، بل وأعطتها أيضاً حق فرض العقوبات على الأعضاء المخالفين للقوانين والأنظمة والتعليمات التي تضعها، واستمر هذا الحال حتى تم إصدار قانون الأوراق المالية الفلسطيني رقم (12) لسنة 2004.
إشكالية الدراسة:
تكمن المشكلة المتعلقة بموضوع أسواق الأموال هو عدم وضوح التكييف القانوني لعدد من العمليات التي تقوم بها، وعدم سهولة تصنيفها في أي باب من المعاملات التجارية أو العقود القانونية، وتطرح هذه الإشكالية عدداً من الأسئلة، سيحاول الباحث الإجابة عليها، أهمها:
- على ماذا تقوم أسواق الأموال؟ وما هي أقسامها وتفرعاتها؟ وما الإطار القانوني والفقهي لها؟
- ما هي أهم الأدوات التي تصدر عن كل من: سوق رأس المال، وسوق النقد؟ وما هو تكييفها القانوني وحكمها الشرعي؟
- ما الكيفية القانونية التي تسير عليها أسواق الأموال إجراء تعاملاتها داخل هذه الأسواق؟ وما مدى ملاءمة هذه الإجراءات مع أحكام الفقه الإسلامي؟
- ما الإطار القانوني الذي يحكم مختلف عقود المعاملات التي تجري داخل أسواق الأموال؟ وهل تنسجم مع أحكام الفقه الإسلامي؟
- هل التشريعات الفلسطينية المتعلقة بتنظيم سير عمل أسواق الأموال، تلبي متطلبات تحقيق المصلحة العامة لدى الأفراد والمؤسسات؟
- ما مدى مراعاة المشرع الفلسطيني لأحكام الفقه الإسلامي لدى عملية تشريعه وتقنينه للأنظمة والقوانين الناظمة لأسواق الأموال؟ وما هي الشروط أو الضوابط التي لابد من التقيد بها في عملية إصدار أو تدوال الأوراق المالية لتتلاءم مع أحكام الشريعة الإسلامية؟
أهمية الدراسة:
تنبع أهمية هذه الدراسة من أهمية موضوعها، فأسواق الأموال أضحت تهيمن على اقتصاديات دول العالم أجمع، وبالتالي كان لابد من العناية بها من خلال إفرادها بالعديد من الدراسات والأبحاث سعياً لمواكبة عجلة التطور الاقتصادي على مستوى العالم.
ويمكن تلخيص أبرز النقاط التي تنبع منها أهمية هذه الدراسة، على النحو الآتي:
- توفير مرجع قانوني وفقهي لكل من: المستثمرين والمضاربين والسماسرة والوسطاء والباحثين وجميع المهتمين باكتساب نظرة شاملة وواضحة للبناء الهيكلي لأسواق الأموال ومقارنة ما بين الفقه الإسلامي والقانون، ويأتي هذا في ظل اقتصار كثير من الدراسات التي تتناول موضوع البورصة على بحثها من الجانب الاقتصادي، مع إغفال الجوانب القانونية والفقهية، فقد كانت معظم الدراسات الفقهية كانت تَرد بشكل تقليدي، بحيث يتم الاقتصار على تناول الأدوات المالية الشائعة والمنتشرة كالأسهم والسندات، مع إغفال كمّ كبير من الأدوات المالية التي يجري العمل بها عبر أسواق المال في مختلف دول العالم.
- النهوض بالاقتصاد القومي والوطني بالإضافة إلى تعزيز دور بورصة فلسطين، من خلال بث الوعي القانوني والشرعي حول أسواق الأموال وأدواتها وعملياتها، لما لهذا الأمر من تأثير مباشر على إقبال الأفراد والمؤسسات للاستثمار فيها، وبالتالي تقوية اقتصاد البلاد عموماً.
- توضيح أسس ومقومات وضع اللبنة الأولى لبناء سوق مالية إسلامية، والتي لا يمكن إقامتها بمعزل عن الدراسات الحثيثة والأبحاث الجادة، خاصة وأن العالم الإسلامي قد شهد ظهور عدة أسواق مالية تتبنى المرجعية الإسلامية في منهج سيرها.
أهداف الدراسة:
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أكثر من جانب فيما يتعلق بأسواق الأموال، وذلك من خلال عرض الجوانب القانونية التي تحكم سوق المال من جهة، وعرض رأي الفقه الإسلامي فيها من جهة أخرى، وسيتم تناول سوق المال بشقيه: سوق النقد، وسوق رأس المال، وما فيهما من أدوات مالية وعقود ومعاملات، بالإضافة إلى إجراءات التعامل التي تسري ضمن منظومة عمل الأسواق المالية، وكل ذلك سيأتي ضمن عرض مقارن ما بين تشريعات القانون وأحكام الفقه الإسلامي.
فعمدت هذه الدراسة إلى إبراز المعالم الأساسية للسوق المالية وفق المنظور الإسلامي، وذلك انطلاقاً من نموذج السوق التقليدي، بهدف التعرف إلى مختلف الأدوات المالية التي يمكن إصدارها وتداولها إن تم التفكير بمشروع سوق مالية إسلامية في المستقبل.
منهج الدراسة:
سيتّبع الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي المقارن، فسيتم عرض الهيكل البنائي لأسواق الأموال، مع تفصيل موضَّح لأهم أدواته وعملياته والعقود والصفقات التي تُبرم فيه، وذلك وفقاً لقانون الأوراق المالية رقم (12) لسنة 2004، وقانون الشركات رقم (12) لسنة 1964، وغيرها من القوانين والتعليمات الصادرة بموجبه، مع الاعتماد على عدد من الفقهاء وشرّاح القانون، وفي نفس الوقت سيتم التعرض لها بشيء من المقابلة والمقارنة بينها “من جانب قانوني”، وبين أحكام الفقه الإسلامي حتى يتضح مدى مطابقة أو اختلاف كل منهما عن الآخر.
نطاق الدراسة:
ستنحصر الدراسة التي بين أيدينا في البحث في موضوع التكييف القانوني لعمليات البورصة على المستوى الوطني وحسب، أي من خلال القوانين الناظمة لها في فلسطين، وأهمها: قانون التجارة رقم (12) لسنة 1966، وقانون الشركات رقم (12) لسنة 1996، وقانون الأوراق المالية رقم (12) لسنة 2004، وقانون هيئة سوق رأي المال رقم (13) لسنة 2004، وقانون المصارف رقم (2) لسنة 2002، أما من حيث الجانب الفقهي فسيتم الرجوع لأحكام الفقه الإسلامي من المصادر الخاصة بها والتي على منهج أهل السنة والجماعة، والمحصورة في المذاهب الأربعة المعتبرة (المذهب الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي)، بالإضافة لآراء بعض العلماء المعاصرين.
وعليه سيخرج من موضوع الدراسة التشريعات القانونية الغير فلسطينية، أو أي رأي فقهي شاذ أو يتبع لمذهب فقهي معين غير المذاهب الفقهية المعتبرة عند أئمة أهل السنة والجماعة.
وتجدر الإشارة إلى أننا لن نتطرق إلى بحث الجانب القانوني المتعلق بنشأة وتأسيس بورصة فلسطين، لما يحتاج إلى بحث آخر مستقل بحد ذاته.
خطة البحث:
بناءً على ما تقدم، سيتم تناول موضوع التنظيم القانوني لأسواق الأموال ما بين الشريعة والقانون على ثلاثة فصول، وذلك بعد التعريف بأسواق الأموال بصورة عامة في الفصل التمهيدي، من خلال الحديث عن أنواع الأسواق المالية، بالإضافة إلى التعريف بأبرز الأدوات المالية التي يتم التعامل بها في سوق رأس المال، ثم بعد ذلك تأتي الفصول الثلاثة الأخرى مرتبة على النحو الآتي:
يتناول الفصل الأول الكلام عن الأدوات المالية المتداولة في الأسواق المالية المعاصرة وأحكامها الفقهية، وعلى وجه الخصوص الأدوات المالية التي يتم التعامل بها في سوق النقد والذي يدرج في ضمنه كل من: أذونات الخزانة، والأوراق التجارية، وخصم الأوراق التجارية، وشهادات الإيداع، والقبول المصرفي.
ثم ينتقل الحديث في الفصل الثاني حول إجراءات التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، وأحكامها الفقهية، ففي البداية تم تناول موضوع أعضاء السوق، ومن ثم أوامر البيع والشراء، وتسعير الأوراق المالية، وطرق تداول الأوراق المالية، والتسويق والمقاصة ونقل الملكية.
وأخيراً الفصل الثالث وقد تم تخصيصه للحديث عن عقود المعاملات في الأسواق المالية المعاصرة، وأحكامها الفقهية، وهو شامل لكل من: العقود العاجلة، والعقود الآجلة، والعقود المستقبلية، وعقود الاختيار، وعقود المبادلات.
لتحميل كامل الرسالة يرجى الضغط على هذا الرابط:
🔗 رابط التحميل | ⬇️ عدد التحميلات |
---|---|
اضغط هنا للمعاينة والتحميل | 7 |
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.