هل نسخت آية الرجم أم أنه لا أساس لها

السؤال:
أريد توضيح حول آية الرجم التي يدور حولها نقاش أنها نسخت والبعض يقول: إنه لا أساس لها؟
الجواب:
لم يثبت وجود آية في القرآن تسمى آية الرجم، فالرجم ثابت بالسنة، وأجمعت الأمة عليه ولم يشذ عن هذا الإجماع سوى طوائف من الخوارج والمعتزلة.
فلم تذكر هذه الآية في الصحيحين وإنما جاء في صحيح البخاري: (قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان، حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى وقد أحصن، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف – قال سفيان: كذا حفظت – ألا وقد «رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده)، فهذا الحديث واضح في نفي آية الرجم من كتاب الله تعالى.
وما جاء في صحيح مسلم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف). وهو حديث آحاد ظني لا يثبت به القرآن القطعي.
وتعيين هذه الآية جاء بسند فيه مقال وهو ما في صحيح ابن حبان عن عاصم بن أبي النجود، عن زر، عن أبي بن كعب قال: (كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، فكان فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) وقد صححه الحاكم في المستدرك على الصحيحين. وهو حديث آحاد صححه كثير من العلماء لكن درجته في ادني درجات الصحة لأن عاصم بن أبي النجود صدوق له أوهام وحديثه في الصحيحين مقرون وباقي السند ثقات على شرط الصحيح، ولا يثبت القرآن بحديث آحاد فكذلك النسخ؛ لأن في النسخ إثباتا لآية أنها كانت من كتاب الله تعالى، فتبقى المسألة ظنية لا قطعية.
فمن روى هذه الأحاديث صادق أو متأول أو واهم لا تقدح هذه الروايات فيهم، قال القاضي عياض في شرحه على صحيح مسلم: وهذه الآية مما نص العلماء أنه مما نسخ لفظه وبقي معناه، وحكمه ثابت وله نظائر، لكن لا يصح أن يثبت قرآناً في المصحف ولا يتلى؛ إذ لم يكتب في المصحف لفظه، بل هذا ومثله مما أنسى الله المسلمين حفظه؛ حكمة منه وآية لعباده. ألا ترى أنه لو كان باقياً لفظه لم يجد المبتدع إلى التكذيب بحكمه سبيلاً، ألا ترى ما ذكر عمر – رضى الله عنه – منها إنما هو – والله أعلم – إخبار على معنى ما كان حفظ من القرآن إذ هذا اللفظ والنظم يبعد عن بلاغة القرآن ونظمه.
مصدر الفتوى من كتاب:
فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م، صفحة (133-134 )
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.