حكم الطُّرَف (النُّكَت) المتعلقة بالدين الاسلامي.

السؤال:
ينتشر بين الشباب مقاطع فيديو: يصلي مجموعة من الشباب ويؤمهم أحدهم، وعندما يسجدون يقوم ويتركهم هاربا إلى خارج المسجد.. هل يعد ذلك من الاستهزاء بالدين، بارك الله فيكم؟.
الجواب:
شاهدت المقطع…
المقطع ليس فيه استهزاء بالدين وإنما استهزاء بالمجنون الذي تركهم وهو إمامهم يريد أن يمازحهم بمقلب!!!، فهو في الغالب غِرُّ جاهل متصابٍ من الهَمَل، وفعله معصية ونوع استهزاء بالدين، فالاستهزاء من قبله، ونشر هذا المقطع للضحك على فعله من جهة أنه عمل شيئاً بخلاف العقل والدين؛ لأن الخروج من الجماعة جائز شرعاً، لكن بقصد اللعب محرم قطعا، وإن كان بقصد الاستهزاء من الجماعة والصلاة فكفر قطعا…
لكن تنبه إلى أن الضحك عليه نوع استغراب واستهجان لفعله وكونه غير معقول يقابله الناظر بالضحك منه لا إقراراً لفعله، فالإنسان يضحك على الغرائب غير المعقولة أو الغير مقبولة هذا من ناحية نفسية…
فنشر هذه المقاطع من باب استنكار فعله مكروه شرعاً، ووجه الكراهة أن بعض الناس يعجب بفعله، وإقرارهم لفعله إقرار بمعصية ومنكر، واقرار الحرام إقراراً تاماً حرام، فيكون ناشرها قد ساهم ولو قليلا في الحرام من حيث لا يدري…
ومن يقصد بنشر هذه المقاطع الاستهزاء بالدين فهو كافر، وإن لم يقصد الاستهزاء لكنه أكثر من نشرها فلا شك أنه آثم من جهة أن كثرتها فيه نوع لتقليل هيبة الدين والاستهزاء به وهؤلاء يصدق فيهم قوله تعالى (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) [البقرة: 14 – 16]
وإقرار الحرام إقراراً ضمنياً غير ملاحظ مخفي – وهو ما عليه أكثر المشاهدين لهذه المقاطع – لا أقل من كراهته، وقد يحرم بحسب درجته، حيث إن معظم الناس تضحك على جنونه لا إقراراً لفعله، فمن أقره كان مثله، ونشر المحرم حرام، لكن لكون هذا الإقرار نادراً، والنادر لا حكم له، فنحكم بكراهته لا بحرمته والله تعالى أعلم.
الخلاصة أن فاعل المقلب آثم وقد يكفر، وناشر المقلب إن قصد الاستهزاء بالدين فهو كافر أو ركز على نشر مثل هذه المقالب الدينية دون قصد الاستهزاء فهو آثم، أما المشاهد فإن كان ضحكه استغرابا واستنكارا لفعله فلا إثم، وإن كان فيه إقرار كان مثله، وقس على هذه الفتوى بقية المقاطع التي فيها مزاح يتعلق بالدين، أو الطُرَف (النُّكَت) اللفظية المتعلقة بالدين، والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى من كتاب:
فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م، صفحة (24-25 )
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.