الفتاوىفتاوى الصلاة

حكم صلاة ركعتي تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة

السؤال:

دخلت إلى المسجد والإمام يخطب الجمعة فهل أجلس لاستماع الخطبة أم أصلي ركعتين تحية المسجد؟

الجواب:

أكثرَ الناسُ في عصرنا من السؤال عن هذه المسألة، وللفقهاء فيها رأيان:

الأول: يحرم أن يصلي ركعتي تحية المسجد والإمام يخطب، وهو رأي الحنفية والمالكية، قال الكاساني الحنفي: ” وأما محظورات الخطبة فمنها أنه يكره الكلام حالة الخطبة، وكذا قراءة القرآن، وكذا الصلاة”. وقال النفراوي المالكي: ”  وأما التنفل بعد خروج الخطيب فهو حرام ولو على الداخل، والحاصل أن تنفل المأموم قبل الأذان وقبل خروج الخطيب مندوب، وعند الأذان مكروه للجالس، وأما بعد خروجه فحرام”.

واستدلوا بقوله عليه الصلاة والسلام: ” (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت)، فإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأصل أن الفرضان في المسألة يحرمان في حال الخطبة فالنفل أولى بأن يحرم، وهو استدلال غير صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع الكلام ولم يمنع الصلاة، وعلة منع الكلام التشويش على المصلين وهي غير متحققة في الصلاة.

الثاني: يسن أن يصلي ركعتين تحية المسجد حتى وإن كان الإمام يخطب عند الشافعية والحنابلة وهو الراجح من أقوال أهل العلم؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الصريح الذي رواه ابن خزيمة في صحيحه: (إذا جاء أحدكم المسجد والإمام يخطب فليصل ركعتين قبل أن يجلس).

قال النووي: ” فان دخل والامام على المنبر صلي تحية المسجد لما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إذا جاء أحدكم والامام يخطب فليصل ركعتين ” فان دخل والامام في آخر الخطبة لم يصل؛ لأنه تفوته أول الصلاة مع الامام وهو فرض فلا يجوز أن يشتغل عنه بالنفل”. وقال البهوتي الحنبلي: ” ومن دخل المسجد والإمام يخطب لم يجلس ولو كان وقت نهي حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما”.

ومن أدلة سنية ذلك ما في صحيح ابن حبان عن أبي هريرة، وأبي سفيان، عن جابر، قالا: «دخل سليك الغطفاني المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فأمره أن يصلي ركعتين» وفي رواية صحيحة على شرط مسلم (جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له: «يا سليك، قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما»، ثم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة، والإمام يخطب، فليركع ركعتين، وليتجوز فيهما»).

والروايات في ذلك كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته، فدلت على سنية أن يصلي الداخل ركعتي تحية المسجد لكن يسن التخفيف فيهما بأن لا يقرأ سوى الفاتحة في كل ركعة أو مع قصار السور، فإن دخل أثناء الأذان فيسن أولا قبل أن يجلس أن يردد مع المؤذن ثم يصلي على النبي r، ثم يصلي الركعتين، والله تعالى أعلم.

مصدر الفتوى من كتاب: فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م، صفحة (91-93 )


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي من النسخ