حكم تدريب قيادة السيارات بالمقاولة دون تحديد عدد الدروس
السؤال:
هل يجوز أن أتدرب عند مدربي تعليم القيادة بالمقاولة، أي أدفع لهم مبلغا مقطوعا كألف دينار مثلا على أن يبقى المدرب يدربني حتى آخذ رخصة القيادة مهما رسبت من مرات، فأدفع مبلغا مقابل أن يؤهلني لأخذ الرخصة حتى آخذها فعلا، علما أي تكاليف أخرى غير التدريب أنا الذي أتكفل بها كرسوم الامتحان إن رسبت في الامتحان السابق، فهذا المبلغ هو فقط مقابل تدريبه المتواصل حتى تحصيل الرخصة؟
الجواب:
ثمة جهالة فاحشة مفسدة لهذا العقد، حيث إن عدد الدروس غير معروف مما يؤدي إلى تنازع التلميذ والمعلم إن رسب الطالب أكثر من مرة في امتحان القيادة، وهذا التنازع واقع ملموس، فقد ينجح من أول مرة وبدروس قليلة فيكون قد دفع مبلغا كبيرا جراء عمل قليل يستحق المعلم أجرا أقل منه عادة، أو العكس بأن يرسب عدة مرات فيقدم المعلم عملا أكبر بكثير من الأجر المتفق عليه، فيجب شرعا تحديد سعر لكل درس ولا تصح هذه المعاملة.
لكن إن أصبحت الجهالة يسيرة يتغابن الناس في مثلها عادة أي يتسامحون في مثلها عادة كأن تكون عدد الدروس شبه محددة أي مع هامش بسيط في الخطأ، وهو أمر أخبرني بعض المعلمين للقيادة بإمكانه من خلال خبرتهم كأن يختبر المعلم الطالب قبل التعاقد معه ويقدر بناء على مهارته قلة وكثرة عدد الدروس، فيكون عقدا صحيحا لا حرمة فيه، ومع ذلك يبقى هذا العقد حتى في هذه الحالة مكروها يفضل الابتعاد عنه.
مع ضرورة التنبه إلى حرمة ما يفعله بعض المدربين بأنه يدرب الطالب بمبلغ محدد مقطوع حتى النجاح ويتكفل بدفع رسوم إعادة الامتحان؛ لأن عدد مرات رسوب الطالب لا يمكن التنبؤ بها فقد يرسب مرات عديدة، وهذه الجهالة أفحش من التي قبلها، ولا يمكن التنبؤ بعدد مرات رسوب هذا الطالب بخلاف التنبؤ بقدرة المدرب المحترف على تقدير عدد الدروس اللازمة لوصول الطالب للقدرة على القيادة الجيدة والنجاح عادة في الامتحان بعد فحص قدرات الطالب على القيادة وتهيؤه النفسي والجسدي والفكري على استيعاب دروس القيادة العملية، فحرمة هذا التعاقد مؤكدة لجهالتها الفاحشة خاصة أن رسوم الامتحانات قابلة للتغير ومقدارها مرتفع عادة، وأن هذا تعاقد على دفع بدل عادة الامتحان المبني على مجهول وهو حكم الممتحن بنجاح الطالب أو رسوبه بخلاف التدريب الذي هو عمل المدرب بناء على تقديره لقدرات الطالب فلو أعادة تدريبه بعد رسوبه فلم يخسر المدرب سوى جهده وشيئا يسيرا من الوقود.
الخلاصة أننا أمام ثلاث حالات:
الحالة الأولى: يحل شرعا تدريب الطالب ليصبح مؤهلاً على القيادة بمبلغ مقطوع محدد مسبقا دون تحديد عدد معين من الدروس، كتعاقد المعلم مع الطالب على إفهامه درسا معينا دون تحديد لوقت هذا العمل، فتكون إجارة على إنجاز عمل دون النر إلى وقته، كالتعاقد مع الأجير المشترك كالميكانيكي على إصلاح السيارة أو الخياط على خياطة الثوب أو إصلاحه دون تحديد زمن إنما بتحديد نتيجة العمل، فلا مشكلة فيه شرعا، والجهالة التي فيه من حيث الزمن يسيرة مغتفرة.
الحالة الثانية: يحرم للجهالة الفاحشة التعاقد مع المتدرب بمبلغ مقطوع محدد مسبقا حتى يحصل على الرخصة بغض النظر عن عدد مرات الرسوب دون أن يدفع له رسوم إعادة الامتحان.
يستثنى من هذا التحريم ما يكون لدى المدرب المحترف آليات واضحة لاختبار الطالب يستطيع من خلالها تقدير المدة الكافية لتأهيله للقيادة، وقدرته على النجاح في الامتحان، فتكون عدد مرات رسوبه محسوبة عادة والجهالة في مثل هذا التصرف يسيرة، فعندها نبيح هذا العقد.
الحالة الثالثة: أن يتعاقد المدرب مع الطالب على النجاح في الامتحان مع دفع رسوم إعادة الامتحان، فلا شك في حرمة هذا التصرف؛ لأنه جمع مع جهالة عدد مرات تدريبه ورسوبه جهالة مقدار ما سيدفع من رسوم لإعادة الامتحان، فهي فاحشة بمجموعها، ما لم تكن رسوم إعادة الامتحان رمزية يتسامح الناس في مثلها، والله تعالى أعلم.
مصدر الفتوى من كتاب:
(فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب:
للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان
النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة: الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم
الصفحة (118).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.