زكاة الثروة الصناعية وأثرها في حسم التكاليف الانتاجية للدكتور ايمن البدارين
زكاة الثروة الصناعية وأثرها في حَسْمِ التكاليف الإنتاجية
Zakat on Industrial Wealth
and Its Impact on Deduction of Production Costs
الباحث
الدكتور أيمن عبد
الحميد عبد المجيد البدارين
الأستاذ المشارك في
الفقه وأصوله
رئيس قسم الفقه
والتشريع
Ayman Albadarin
Head of The Department of
Jurisprudence and Legislation
And the Master of Sharia
Judiciary
College of Sharia,
aymanb@hebron.edu
ملخص
البحث
بحثت هذه الدراسة زكاة الثروة الصناعية
وأثرها في حسم التكاليف الانتاجية منها، ومدى تأثير التكاليف الإنتاجية في
زكاتها وهل ستقنص من الزكاة أو تلغيها، وإن كانت ستنقص من الزكاة فهل سيحسم من
الناتج العام ثم نزكي الباقي؟ أم يؤثر في نسبة الزكاة فقط؟
وقد عرَّفتُ بالثروة الصناعية والتكاليف
الإنتاجية، وبينت آراء الفقهاء وأدلتهم في حكم زكاة الثروة الصناعية، وفي كيفية
زكاتها عند القائلين بوجوب زكاتها مناقشاً أدلتهم، وقمت باستنباط أربعة اتجاهات في
كيفية احتساب الكُلَف الإنتاجية من زكاة الثروة الصناعية على آراء الفقهاء في حكم
زكاتها وكيفية حسابها.
وتوصل الباحث إلى عدد من النتائج أهمها:
أنه لا تجب الزكاة في المصانع ولا في آلاتها، وإنما تجب في الناتج إن حال عليه
الحول وبلغ النصاب كباقي أمواله، فيزكى الناتج زكاة الأموال أو عروض التجارة،
وتخريجاً على هذا الرأي تحسم جميع التكاليف، فيزكي في نهاية العام ما بقي بعد حسم
جميع التكاليف الإنتاجية.
الكلمات
المفتاحية: الزكاة، الكُلَف الإنتاجية، الثروة، الصناعة.
Abstract
The present study aims to investigate zakat (a
form of almsgiving) of industrial wealth in terms of its impact on deducting
production costs, the extent to which production costs affect zakat on
industrial wealth, and whether it will reduce or cancel zakat on industrial
wealth. If it were to reduce the zakat, would it be deducted from the general
output and then be paid on the reaming output, or would it affect only the
percentage of zakat? The study includes a definition of industrial wealth and
production costs. It reviews the legal opinions of Muslim jurists and discusses
their evidence on the provisions and payment of zakat on industrial wealth.
Four attitudes on calculating the production costs from zakat on industrial
wealth were deduced based on the opinions of the jurists regarding the ruling
on zakat and its calculation method. The study found that zakat is not
mandatory on business premises, machinery, or equipment, but rather on business
output. It becomes due after the passage of one year and the output meets its
threshold or nisab value, as it is the case with Muslim’s total savings and
wealth. Thus, if all zakat conditions are met, all output or stock in trade is
liable for zakat after deducting all production costs.
Key words: Zakat, production costs,
industrial wealth
Best
Regards,
المقدمة:
شجع
الإسلام على تنمية الثروة الصناعية؛ لأن الأمة الإسلامية أمة مستقلة تملك قرارها
فتأكل مما تزرع وتلبس مما تصنع، فلا تعتمد على غيرها من الأمم حتى يبقى قرارها في
يدها، فالأمة التي تعتمد على غيرها في مأكلها أمة تابعة لا متبوعة، وفقيرة لا
غنية، ومتخلفة لا متقدمة، وستبقى دائما في ذيل القافلة..
وتشكل الصناعة أحد أهم موارد الأمة وتغطي
أهم احتياجاتها، إذ يشق على البشر اليوم العيش دون صناعة، فهي الفيصل بين حياة
التوحش والمدنية، كما أنها أساس ثروة الأمم ورمز قوتها وتقدمها المدني.
سيحاول
الباحث سبر أغوار النصوص الشرعية وكتب الفقهاء للإجابة عما إذا كانت الزكاة تجب في
أصول المصانع وناتجها وهل الكُلَف الإنتاجية مؤثرة في زكاة الثروة الصناعية أم لا
وما طبيعة هذا التأثير، وكيف نتعامل مع هذه الكُلَف عند إخراج زكاتها.
أسئلة
ينبغي الإجابة عنها وفق محددات الشرع وأصوله ومقاصده بسبر أغوار المسألة عند
الفقهاء واتجاهاتهم في الحكم على هذه القضية المهمة التي لها آثار تنموية
واقتصادية كبيرة على الأمة..
وتظهر
أهمية البحث في أن الصناعة تشكل اليوم أعظم موارد الأمة والمؤشر الرئيس على قوتها
وعظمها ورفعتها وأهم دليل على استقلاليتها، فهي تغطي أهم احتياجاتها، وتعطيها
استقلالها عن غيرها، إذ لا يستطيع البشر اليوم العيش دون صناعة، فهي عصب الحياة،
وتقديم دليل رقي الأمة وقوتها واعتمادها على نفسها، فالأمة الصانعة أمة مستقلة
قوية بإنتاجها، صاحبة السيادة على قراراتها لعدم اعتمادها في الصناعة على غيرها.
ولا
شك أن الزكاة واجب ديني هام يدفع أو يقمع التوجه نحو الثروة الصناعية فكلما زاد
مقدار الزكاة قلت أرباح الصناع، فيتوجه الاقتصاديون إلى جناح اقتصادي آخر يطير
بأرباحهم نحو النماء والزيادة لما فيه من زكاة أقل، وكلما قلت زاد التوجه إلى هذه
الثروة الخطيرة.
وقد
حَرَصَ البحث على تحقيق عدد من الأهداف أهمها: هل يجب على الصناع أن يخرجوا زكاة
أموال مصانعهم من عقار وآلات وتأثيث ومواد أولية ونتاج، وما أثر التكاليف
الإنتاجية من كهرباء وماء وأجور عمال وصيانة وقطع غيار وغيرها من التكاليف
الانتاجية؟ سؤال ينبغي الإجابة عنه وفق محددات الشرع وأصوله ومقاصده، هذا ما يحاول
هذا البحث أن يحققه بسبر أغوار المسألة عند الفقهاء واتجاهاتهم في الحكم على هذه
القضية المهمة التي لها آثار تنموية واقتصادية كبيرة على الأمة.
وسيحاول
الباحث سبر أغوار النصوص الشرعية وكتب الفقهاء لتحديد حكم زكاة الثروة الصناعية من
حيث أصولها وناتجها، وكيف تزكى، ما إذا كانت الكُلَف الإنتاجية مؤثرة في زكاة
الثروة الصناعية، فإن كانت مؤثرة فما طبيعة هذا التأثير هل هو تخفيف إنقاص أو
إلغاء، وإذا كان تخفيف إنقاص فهل يحسم من الناتج العام ثم نزكي الباقي، أم يؤثر في
مقدار المخرج فقط؟ هذه هي المشكلة التي سيحاول الباحث حلها في هذا البحث إن شاء
الله تعالى.
وقد استخدم الباحث المنهج الاستقرائي في
تتبع مذاهب الفقهاء وأدلتهم، ثم المنهج الوصفي في بيان هذه الآراء والأدلة، ثم
المنهج التحليلي النقدي لها، جاعلاً من منهج البحث الفقهي الإسلامي الخاص ضابطا
حاكما في هذه العملية النقدية الترجيحية.
ولم يجد الباحث -بحسب اطلاعه وسعة بحثه-
أي دراسة تتناول “أثر الكُلَف الإنتاجية في زكاة الثروة الصناعية”، فهذا
البحث هو منطلق وبذرة نزرعها في خضم تطوير هذه الصناعة البحثية في هذا المجال
لتستكمل الجهود لاحقا في تطويرها وتنميتها، أما بحث أصل زكاة الثروة الصناعية
ومقدار الواجب فيها فقد بحثها قلة من المعاصرين كالقرضاوي ومنذر قحف وغيرهم في
حديثهم عن زكاة الأصول الثابتة.
تقسيم البحث:
وقسم
الباحث البحث إلى تمهيد عرف فيه بأهمية البحث ومشكلته وهدفه والدراسات السابقة
وتقسيم البحث ومنهجه، وجعله في ثلاثة مطالب:
المطلب
الأول: التعريف بموضوع البحث، وجاء في فرعين: الفرع الأول: زكاة الثروة الصناعية
في اللغة والاصطلاح. الفرع الثاني: الكُلَف الإنتاجية في اللغة والاصطلاح.
المطلب
الثاني: حكم زكاة الثروة الصناعية وكيفية تزكيتها: وجاء في فرعين: الفرع الأول:
حكم أصل زكاة الثروة الصناعية. الفرع الثاني: كيفية تزكية المصانع عند القائلين
بوجوب تزكيتها.
المطلب
الثالث: تخريج كيفية احتساب الكُلَف الصناعية من الزكاة. وجاء في أربعة فروع:
الفرع الأول: تخريجا على الرأي المعتمد في المذاهب الأربعة: الفرع الثاني: تخريجا
على رأي القائلين بأن المصانع تزكى زكاة عروض التجارة 2.5%. الفرع الثالث: تخريجا
على رأي القائلين بتزكية انتاج المصانع فقط كزكاة المعدن 2.5%. الفرع الرابع:
تخريجا على رأي القائلين بأن المصانع تزكى كزكاة الزروع والثمار 5% أو 10%، وختمت
البحث ببيان أهم نتائج البحث.
أهم نتائج
البحث:
1)
التعريف المختار
للكلف الانتاجية أنها تلك النفقات اللازمة لإنتاج وحدة واحدة من المنتوج.
2)
المراد بالثروة
الصناعية زكاة المصانع الانتاجية التي تقوم بإنتاج السلع، وينطبق على ما يسميه
القدماء بمصطلح ” المستغلات “.
3) لا تجب الزكاة في المصانع
ولا في آلاتها، وإنما تجب في الناتج إن حال عليه الحول وبلغ النصاب كباقي أمواله،
فيزكى الناتج زكاة الأموال، وهو المعتمد في المذاهب الأربعة وما عليه معظم
القدماء، واختاره مجمع الفقه الاسلامي، ورجحه الباحث.
4)
ذهب جمع من
المعاصرين ونسب لبعض القدماء وجوب الزكاة في المصانع، واختلفوا في كيفية زكاتها
إلى ثلاثة آراء: الأول: تزكى زكاة عروض التجارة 2.5%، أي تجب الزكاة في الأصل
والناتج. الثاني: نزكي الانتاج زكاة المعدن 2.5%. الثالث: تزكى زكاة الزروع
والثمار 5% أو 10%.
5)
ترجح للباحث
تحقيق ضابط عروض التجارة على المواد الخام والسلع المنتجة على أصل الجمهور، أما
المواد المساعدة التي تدخل في عملية الإنتاج كالديزل والبنزين والغاز من وقود
الآلات ومواد التشغيل والصيانة وزيوت التشحيم للآلات.. فلا زكاة فيها.
6) تخريجا على آراء الفقهاء
في زكاة الثروة الصناعية وكيفية حساب الزكاة فيها، يتبين لنا جليا آرائهم مخرجة
على أقوالهم في كيفية احتساب التكاليف الانتاجية من الزكاة كالتالي:
أولا: تخريجا على الرأي المعتمد
في المذاهب الأربعة القائلين بأنه لا تجب الزكاة في آلات المصانع، وإنما في الناتج
إن حال عليه الحول وبلغ النصاب، على هذا الرأي تحسم جميع الكلف، فلا يزكي في نهاية
العام سوى ما بقي بعد حسم جميع التكاليف أيا كانت.
ثانيا: تخريجا على رأي القائلين
بأن المصانع تزكى زكاة عروض التجارة 2.5%، على هذا الرأي تحسم جميع التكاليف
والمصاريف أيا كانت، كما يمكن أن ندخل في التكاليف التي تحسم اهتلاك الآلات.
ثالثا:
تخريجا على رأي القائلين بتزكية انتاج المصانع فقط كزكاة المعدن 2.5%، لا عبرة على
هذا الرأي بالتكاليف الانتاجية.
رابعا:
تخريجا على رأي القائلين بأن المصانع تزكى كزكاة الزروع والثمار 5% أو 10%، فأقوى
تخريج على الرأي المعتمد في المذاهب الأربعة هو نقصان الواجب من العُشْر إلى نصفه.
تحميل البحث
لتحميل البحث كاملا يرجى الضغط على: تـــنـــزيـــل الــبــحــث
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.