الأخبار والمقالات
مقالة في الخيانة والطعن في الظهر
قال لي أحدهم:
“من أعظم
الأمور أن تطعن من قبل من تثق بهم”.
الأمور أن تطعن من قبل من تثق بهم”.
وكأني أسمع لسان
حال بعضهم يقول: لا أمانة وقد عمت الخيانة…
حال بعضهم يقول: لا أمانة وقد عمت الخيانة…
وأخال غيره يقول:
لا صديق وقد عم الطعن في الظهر من أعز رفيق…
لا صديق وقد عم الطعن في الظهر من أعز رفيق…
ولعل آخر يهمس:
الأقارب عقارب وللغدر مراكب…
الأقارب عقارب وللغدر مراكب…
وأقول له
وللجميع:
وللجميع:
لا تحزن…
فالثقة ببعض الناس جزء لا يتجزأ من إنسانيتنا، فأن نُطعن من قبل بعضهم خير من أن
نفقد انسانيتنا، أو أن نفقد أخص جزء من
إيماننا وهو الوفاء…
فالثقة ببعض الناس جزء لا يتجزأ من إنسانيتنا، فأن نُطعن من قبل بعضهم خير من أن
نفقد انسانيتنا، أو أن نفقد أخص جزء من
إيماننا وهو الوفاء…
وهنيئا للخائنين
أن فقدوا إنسانيتهم، فالحيوانات تثق ببعضها البعض ولا تخون، فها هو الكلب أخس
الحيوانات لا يغدر من ائتمنه، ولا يخون صاحبه، فمن رضي أن يكون أخس من الكلب فيطعن
أخاه أو صديقه أو من ائتمنه فهنيئا له انحطاطه عن منزلة الكلب، بل هنيئا لهم
النفاق فآية المنافق ثلاث كما قال عليه السلام منها: إذا عاهد غدر.
فيا أخي ويا
أختي… عاملوا الناس بأخلاقكم لا بأخلاقهم، عاملهم بوفائك لا بغدرهم، وبصدقك لا
بكذبهم، وبإنسانيتك لا ببهيميتهم، وبإيمانك لا بنفاقهم، وبرفعتك لا بضعتهم، وبسموك
لا بانحطاطهم.
كن كالشمس تسمو
في عليائها بضيائها، تهب الحياة والنور لغيرها دون مقابل، أو كالقمر يزرع الأُنس
والضياء في الليل البهيم ولا ينظر الى غمز الغامزين أو لمز اللامزين أو طعن
الطاعنين… فهل رأيت يوما الشمس أو القمر حزنا أو غابا لدخان مسموم هالك أو ظلام
هنا أو هناك حالك!!! طبعا لا؛ لأنهما ينثران لآلئ النور دون حساب أو انتظار ثواب
من الآخرين….
فكن كالشجر يرميه
الناس بالحجر فيلقي إليهم بالثمر…
فهنيئا لمن قابل
بالعطاء الحرمان، والإساءة بالإحسان، والظلم بالغفران، والقطع بالوصلان، والخيانة
بوفاء الائتمان…
فليكن شعارك قول
ربنا جل وعلى:
{لَنَآ
أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الجاهلين}
[القصص: 55] فسلام على الغادرين الطاعنين لا ننحط لمنزلة الجاهلين بمسافهتهم
ومجاهلتهم…
وقوله تعالى: {وَإِذَا
خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً} [الفرقان: 63] فاتركونا يا معشر
الجاهلين بسلام، فإن أبيتم فلا نتعب أرواحنا بالرد على من لا يستحق الرد، ولا
نخاطب من كان خطابنا لهم رفعة لهم واهتماما بهم لأنهم لا يستحقون الاهتمام، فلا
نرفع قدركم بمخاطبتكم ولا نُنزل قدرنا بالرد عليكم بمثل أخلاقكم؛ لنعيش نحن
بسلام…
وقوله تعالى: {وَيَدْرَءُونَ
بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ } [الرعد: 22] فإن
أسأتم لنا أحسنا إليكم، ليس لأجلكم ولكن لأن لنا في الآخرة عند الله عقبى الدار،
فنعما بها من دار…
واقرأ هذه القصة
الرائعة في صحيح ابن حبان وتخلق بخلق المصطفى عليه السلام:
قال عبد الله بن
سلام: إن الله تبارك وتعالى لما أراد هدى زيد بن سعنة قال زيد بن سعنة: إنه لم يبق
من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت
إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما
فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الحجرات ومعه علي بن أبي طالب فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله
قرية بني فلان قد أسلموا ودخلوا في الإسلام وكنت أخبرتهم أنهم إن أسلموا أتاهم
الرزق رغدا وقد أصابهم شدة وقحط من الغيث وأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من
الإسلام طمعا كما دخلوا فيه طمعا فإن رأيت أن ترسل إليهم من يغيثهم به فعلت قال
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل جانبه أراه عمر فقال ما بقي منه شيء يا
رسول الله قال زيد بن سعنة فدنوت إليه فقلت له يا محمد هل لك أن تبيعني تمرا
معلوما من حائط بني فلان إلى أجل كذا وكذا فقال: “لا يا يهودي ولكن أبيعك
تمرا معلوما إلى أجل كذا وكذا ولا أسمي حائط بني فلان” قلت: نعم فبايعني صلى
الله عليه وسلم فأطلقت همياني فأعطيته ثمانين مثقالا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل
كذا وكذا قال فأعطاها الرجل وقال: “اعجل عليهم وأغثهم بها” قال زيد بن
سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في جنازة رجل من الأنصار ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ونفر من أصحابه فلما صلى على
الجنازة دنا من جدار فجلس إليه فأخذت بمجامع قميصه ونظرت إليه بوجه غليظ ثم قلت
ألا تقضيني يا محمد حقي فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب بمطل ولقد كان لي
بمخالطتكم علم قال ونظرت إلى عمر بن الخطاب وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير
ثم رماني ببصره وقال: أي عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع
وتفعل به ما أرى؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي هذا عنقك
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة ثم قال: “إنا كنا
أحوج إلى غير هذا منك يا عمر أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن التباعة1 اذهب به
يا عمر فاقضه حقه وزده عشرين صاعا من غيره مكان ما رعته” قال زيد: فذهب بي
عمر فقضاني حقي وزادني عشرين صاعا من تمر فقلت: ما هذه الزيادة قال: أمرني رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك فقلت: أتعرفني يا عمر؟ قال: لا فمن
أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة قال: الحبر قلت: نعم الحبر قال: فما دعاك أن تقول لرسول
الله صلى الله عليه وسلم ما قلت وتفعل به ما فعلت؟ فقلت: يا عمر كل علامات النبوة
قد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم
أختبرهما منه: يسبق حلمه جهله ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما فقد اختبرتهما
فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم
نبيا وأشهدك أن شطر مالي- فإني أكثرها مالا- صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم
فقال عمر: أو على بعضهم فإنك لا تسعهم كلهم قلت: أو على بعضهم فرجع عمر وزيد إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وسلم فآمن به وصدقه وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
مشاهد كثيرة ثم توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبرا”. الحديث في صحيح ابن
حبان(1/ 521- 525) وقد صححه الحاكم، وقال الحافظ المزي في “التهذيب”
7/243_247: هذا حديث حسن مشهور في “دلائل النبوة”.
فهنيئا لمن تخلق بأخلاق المصطفى واتبع كتاب رب
العلى.
كلمات أخوكم الدكتور
أيمن البدارين.
أيمن البدارين.
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.