حكم استحداث ذكر جديد في الصلاة لم يؤثر عن النبي .

السؤال:

هل يجوز استحداث ذكر جديد في الصلاة لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الركوع أو السجود أو القيام؟

الجواب:

لا بأس بذلك لكن الأفضل دائما التقييد بالأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أعلم بما يرضي ربنا وما يقربنا من الذكر إليه أكثر من غيره، فهو أعلم بالله وبما يرضي الله، فلا شك أن ذكره أفضل من ذكرنا، كما أن في إتباع ذكر المصطفى وعدم استحداث أذكار جديدة في الصلاة فيه إتباع للمصطفى، والإتباع بحد ذاته عبادة، فالسير على خطا الحبيب في كل شيء ينور قلب الإنسان وعقله وطريقه، فلا شك أن الإتباع أفضل، كما أن كثرة الاستحداث والبعد عن نصوص المصطفى قد يفتح بابا لتقديم العقل على الشرع وبابا للبدع أعاذنا الله وإياكم من كل بدعة، فالأفضل هو التقيد بأذكار المصطفى عليه السلام.

ويدل لجواز إحداث أذكار جديدة في الصلاة:

الدليل الأول: في صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع الزرقي، قال: ” كنا يوما نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده “، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما انصرف، قال: «من المتكلم» قال: أنا، قال: «رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول»، وفي صحيح مسلم عن أنس، أن رجلا جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس، فقال: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: «أيكم المتكلم بالكلمات؟» فأرم القوم، فقال: «أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسا» فقال رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال: «لقد رأيت اثني عشر ملكا يبتدرونها، أيهم يرفعها».

وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على هذا الصحابي استحداث ذكر جديد في الصلاة لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان استحداث ذكر في الصلاة بدعة منكرة لنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه إن لا يعود إلى مثلها، فإن اعترض معترض بأن هذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم، والإقرار دليل شرعي تثبت به السنية. قلنا له أنك يا معترض لم تلاحظ أن في الحديث إقراران:

• إقرار على خصوص هذا الذكر.
• إقرار على جواز استحداث ذكر جديد، فلو لم يكن كذلك لقال له النبي صلى الله عليه وسلم: زادك الله حرصا، وقد أقررنا ما فعلت، لكن لا تعد استحداث ذكر دون الرجوع إلي، فسكوته عن الإنكار على استحداث ذكر منه دليل على جواز هذا الفعل.

الدليل الثاني: ما في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».

وجه الدلالة من الحديث أن لفظ ” التسبيح ” جاء عاما لارتباطه بـ ” أل ” الاستغراقية، فيفيد جواز كل تسبيح مأثور أو غير مأثور.

الدليل الثالث: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: «ما تقول في الصلاة؟ »، فقال: أتشهد ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة، وأعوذ بك من النار. أنا والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن».

وجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقيد هذا الصحابي بذكر أو دعاء معين، وإنما أجاز له كل ما يندرج تحت معنى ومدلول وقُبَّة الشهادتين في الذكر، وسؤال الجنة والنار في الدعاء، وهي قاعدة عامة في جواز استحداث أي ذكر أو دعاء، وجاء الحديث نصا أن هذه الإباحة لهذا الاستحداث إنما كان في الصلاة؛ لقول السائل: ” ما تقول في الصلاة”.

مصدر الفتوى من كتاب: