هل المسكر المصنوع من غير العنب حلال عند الحنفية

السؤال:
اشتهر عند كثير من الفقهاء المعاصرين أن المسكرات المصنوعة من غير العنب حلال في المذهب الحنفي، فهل ما ينسب للحنفية صحيح؟
الجواب:
جميع الألفاظ المشتقة من الجذر الثلاثي ” خمر ” تدل على التغطية، والمخالطة في ستر. فالخمر: الشراب المعروف. قال الخليل: الخمر معروفة; واختمارها: إدراكها وغليانها. ومخمرها: متخذها. وخمرتها: ما غشي المخمور من الخمار والسكر في قلبه، والخمر عند أهل اللغة: قيل: ما أسكر من عصير العنب لأنها خامرت العقل. والتخمير: التغطية، وقال أبو حنيفة: قد تكون الخمر من الحبوب؛ قال ابن سيده: حقيقة الخمر إنما هي العنب دون سائر الأشياء، والأعرف في الخمر التأنيث: خمرة. وسميت خمرا لأنها تركت فاختمرت، أي تغير ريحها؛ وقيل: سميت بذلك لمخامرتها العقل. والخمر: ما خمر العقل، وهو المسكر من الشراب.
فالخمر هي كل مسكر، وعند البعض الآخر ما اتخذ من العنب فقط، وهذا أحد أهم أسباب الخلاف مع الحنفية، حيث قصروا الخمر على المسكر المصنوع من العنب فقط، أما الجماهير فعمموا اللفظ ليشمل كل مسكر مستدلين بكلام أهل اللغة، وبكلام النبي r: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام)، وقول النبي رافع للخلاف؛ لأن كلامه حجة في اللغة، ولأنه لو كان وضعا شرعيا منه r لكان مقدما في فهم كلام الشرع على الوضع اللغوي.
واعلم أن كلمة ” الشراب ” تستعمل فيما يحرم من الأشربة عند الفقهاء، وأما أسماؤها فاثنا عشر:
أولا: سبعة تصنع من العنب:
- الْخَمْرُ: وهو اسم للنيء من ماء العنب بعد ما غلى واشتد وقذف بالزبد وسكن عن الغليان عند أبي حنيفة – رحمه الله تعالى – وعندهما إذا غلى واشتد فهو خمر وإن لم يقذف بالزبد.
- الْبَاذِقُ: ما يطبخ من ماء العنب حتى يذهب أقل من الثلثين سواء كان الثلث أو النصف أو يطبخ أدنى طبخة بعد ما صار مسكرا وسكن عن الغليان.
- الطِّلَاءُ: اسم للمثلث وهو ما إذا طبخ ماء العنب حتى ذهب ثلثاه وبقي ثلثه فصار مسكرا.
- الْمُنَصَّفُ: ما إذا طبخ ماء العنب حتى ذهب نصفه وبقي نصفه.
- الْبُخْتُجُ: وهو أن يصب الماء على المثلث حتى يرق ويترك حتى يشتد ويسمى أبا يوسفي لأن أبا يوسف – رحمه الله تعالى – كثيرا كان يستعمل هذا.
- الْجُمْهُورِيُّ: وهو النيء من ماء العنب إذا صب عليه الماء وقد طبخ أدنى طبخة حتى ذهب ثلثه وبقي ثلثاه.
- :الْحُمَيْدِيُّ: قيل: هو نفسه البختج.
ثانيا: اثنان يصنعان من الزبيب:
- النَّقِيعُ: وهو أن ينقع الزبيب في الماء حتى خرجت حلاوته إلى الماء ثم اشتد وغلى وقذف بالزبد.
- النَّبِيذُ: وهو النيء من ماء الزبيب إذا طبخ أدنى طبخة وغلى واشتد.
ثالثا: ثلاثة تصنع من التمر:
- السَّكَرُ: وهو النيء من ماء التمر إذا غلى واشتد وعليه أكثر أهل اللغة.
- الْفَضِيخُ: وهو النيء من ماء البُسر المُذّنَّب إذا غلى واشتد وقذف بالزبد.
- النَّبِيذ: وهو النيء من ماء التمر إذا طبخ أدنى طبخة وغلى واشتد وقذف بالزبد وكذا يقع على الماء الذي أنقع فيه التمر وخرجت حلاوته وغلى واشتد وقذف بالزبد.
وأما ما هو حرام بالإجماع فهو الخمر والسَّكَر من كل شراب. وأما ما هو حرام عند عامة العلماء فهو الباذق والمنصف، ونقيع الزبيب والتمر من غير طبخ والسَّكر فيحرم شرب قليلها وكثيرها، وما هو حلال عند عامة علماء الحنفية فهو الطلاء ونبيذ التمر والزبيب فهو حلال شربه ما دون السكر لا للتلهي، والمسكر منه حرام، وهو القدر الذي يسكر، وإذا سكر يجب الحد عليه.
وتنبه إلى أن لفظ: ” النبيذ ” يطلق على كل ما يعمل من الأشربة من التمر والنبيذ والعسل والحنطة والشعير والذرة والأرز، ونحو ذلك من نبذت التمر إي ألقيت عليه الماء ليخرج حلاوته. وسواء كان مسكرا أو غير مسكر، فإنه يقال له نبيذ.
واعلم أنه 1- يحرم شرب قليل الخمر وكثيرها، 2- ويحرم الانتفاع بها للتداوي وغيره. 3- ويكفر جاحد حرمتها. 4- ويحرم تمليكها وتملكها بالبيع والهبة وغيرهما. 5- ولا قيمة شرعاً لها، فلا يضمن متلفها ما لم تكن لذمي. 6- نجسة كالبول. 7- يجب الحد بشرب قليلها وكثيرها. 8- يباح تخليلها فإن تحولت إلى خل حل تناولها، ويباح حملها لإجراء عملية التخليل لها، بل صحح جمع من الحنفية كراهة ذلك كراهة تحريم وأوجبوا على من يريد تخليلها أن ينقل المادة التي تخللها إليها. 9- وكره الحنفية كراهة تحريم أن يسقي الدواب من الخمر أو يستعملها في غير الشرب في البدن كالاكتحال والتمشط بها. 10- ولا يستعمل في الطعام، فإذا عجن الدقيق بالخمر وخبزه لا يؤكل، ولو أكل لا يحد. وإذا طبخ اللحم في الخمر، فعلى قول محمد لا يحل أكله أبدا، وعلى قول أبي يوسف يغلى ثلاث مرات بماء طاهر ويبرد في كل مرة. 11- وحرموا النظر إلى الخمر على وجه اللهو. 12- ولو سقى شاة خمرا لا يكره لحمها ولبنها؛ لأن الخمر، وإن كانت باقية في معدتها فلم تختلط بلحمها، وإن استحال الخمر لحما يجوز كما لو استحال خلا إلا إذا سقاها خمرا كثيرا بحيث تؤثر رائحة الخمر في لحمها فإنه يكره أكل لحمها كراهة تحريم حتى تحبس الشاة 10 أيام والبقرة 20 حتى يذهب الخمر من جسدها.
وقد ذكرت هذه الأنواع لأمور:
- كثرة ذكرها في كتب الفقه، كي يتعرف الباحث في كتب الفقه عليها فلا تختلط بغيرها، ويتضح المراد منها، والحكم المتعلق بها عن غيرها.
- بيان أن جميع هذه الأنواع من المسكرات المصنوعة من العنب والتمر محرمة قليلها وكثيرها، فما أسكر كثيرها فقليله منها محرم. قال الكاساني: ” السكر والفضيخ ونقيع الزبيب فيحرم شرب قليلها وكثيرها لما روي عن النبي r أنه قال: «الخمر من هاتين الشجرتين وأشار r إلى النخلة والكرمة» والتي ههنا هو المستحق لاسم الخمر فكان حراما… وسئل عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – عن التداوي بالسَّكر فقال: إن الله تبارك وتعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: السَّكر هي الخمر ليس لها كنية. وروي أنه لما سئل عن نقيع الزبيب قال: الخمر أحيتها. أشار إلى علة الحرمة وهي أن إيقاع الزبيب في الماء إحياء للخمر؛ لأن الزبيب إذا نقع في الماء يعود عنبا فكان نقيعه كعصير العنب، ولأن هذا لا يتخذ إلا للسكر فيحرم شرب قليلها وكثيرها قال تعالى قال (ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) [النحل: 67].
- بيان فرق جوهري في المذهب الحنفي يتعلق بالحد وهو أن من شرب القليل من المسكر المصنوع من العنب فإنه يحد بالجلد وإن لم يسكر، أما من شرب القليل من المسكر من التمر فلا يحد إن لم يسكر. قال الكاساني: ” ولا يحد بشرب القليل منها لأن الحد إنما يجب بشرب القليل من الخمر ولم يوجد بالسَّكر؛ لأن حرمة السكر من كل شراب كحرمة الخمر لثبوتها بدليل مقطوع به، وهو نص الكتاب العزيز قال الله تعالى جل شأنه في الآية الكريمة (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) [المائدة: 91] وهذه المعاني تحصل بالسكر من كل شراب فكانت حرمة السكر من كل شراب ثابتة بنص الكتاب العزيز كحرمة الخمر ولهذا جمع رسول الله r بين الحرمتين في قوله r: «حرمت عليكم الخمر لعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب». ومعلوم أنه r ما أراد به أصل الحرمة لأن ذلك لا يقف على السكر في كل شراب دل أن المراد منه الحرمة الكاملة التي لا شبهة فيها كحرمة الخمر وكذا جمع سيدنا علي – رضي الله عنه – بينهما في الحد فقال فيما أسكر من النبيذ ثمانون وفي الخمر قليلها وكثيرها ثمانون “.
- يكفر مستحل المسكر المصنوع من العنب ولا يكفر مستحل المسكر المصنوع من التمر ولكن يضلل؛ لأن حرمتها دون حرمة الخمر لثبوتها بدليل غير مقطوع به من ظواهر القرآن وأخبار الآحاد وآثار الصحابة.
وخلاصة المذهب الحنفي:
أولا: جميع الأشربة المسكرة غير الخمر يحرم شرب الحد المسكر منها عند الثلاثة، أي لو كان المسكر من شراب – مثلا – كوبان فشرب كوبا واحدا فقط كان حلالاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف، أما لو شرب الثاني فسكر فهو آثم، أما محمد بن الحسن الشيباني فقد حرم جميع الأشربة المسكرة المصنوعة من أي مادة كالعسل والتين ونحوهما، وحرم قليلها وكثيرها، فما أسكر كثيره فقليله حرام مطلقاُ عنده، وهو بذلك يوافق مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، ففي المثال السابق يكون آثما بشرب كأس واحد وإن لم يسكر، فالخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف من جهة ومحمد من جهة أخرى إنما هو القليل غير المسكر من المسكرات غير الخمر فأباحه أبو حنيفة وأبو يوسف، و حرمه محمد والفتوى على قوله، فالمفتى به والمعتمد في المذهب الحنفي أن ما أسكر كثيره فقليله حرام من أي شراب مسكر.
ثانيا: لا يحد اتفاقا في المذهب عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد من شرب شرابا قليلا غير مسكر من الشراب المسكر من الأنبذة غير الخمر إلا إن سكر، أي أن قليله لا يسكر ويسكر كثيره.
ثالثا: يحد اتفاقا في المذهب عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد من سكر من أي شراب مصنوع من أي مادة.
رابعا: من شرب قطرة من الخمر فعليه الحد اتفاقا وإن لم يسكر، واتفقوا على أن من شرب قليلا غير مسكر يسكر كثيره فلا يحد مع كونه آثما، فإن شرب كثيرا فسكر فعليه الحد.
قال أبو جعفر: (ومن سكر من النبيذ: حد في قولهم جميعًا).
وقول محمد بتحريم شرب قليل المسكر وإن لم يسكر سواء كان خمرا أو نبيذا أو غيره هو المعتمد في المذهب ونص على أنه المفتى به كل من: صاحب الملتقى والمواهب والكفاية والنهاية والمعراج وشرح المجمع وشرح درر البحار والقهستاني والعيني، حيث قالوا الفتوى في زماننا بقول محمد لغلبة الفساد. وعلل بعضهم بقوله: لأن الفساق يجتمعون على هذه الأشربة ويقصدون اللهو والسكر بشربها. وقال ابن عابدين: والظاهر أن مرادهم التحريم مطلقاُ وسد الباب بالكلية. بل وجد صدر الإسلام أبو اليسر البزدوي رواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يجب الحد في سائر الأنبذة؛ لأن ما يقع به السكر حرام والسكر سبب الفساد، فوجب الحد لينزجروا عن شربه فيرتفع الفساد.
فالخلاصة أن الفرق الوحيد بين الحنفية وبقية المذاهب الأربعة أن من شرب المسكر من غير العنب يحد عند المالكية والشافعية والحنابلة حد شارب الخمر بالجلد سواء سكر أو لم يسكر، أما عند الحنفية فلا يحد إلا إن سكر.
ومن نصوص الحنفية التي تدل على ما قلت قولهم: ” وأما ما هو حلال عند عامة العلماء فهو الطلاء، وهو المثلث ونبيذ التمر والزبيب فهو حلال شربه ما دون السكر… والمسكر منه حرام، وهو القدر الذي يسكر، وهو قول العامة، وإذا سكر يجب الحد عليه… عند أبي حنيفة وأبي يوسف وأصح الروايتين عن محمد. وفي رواية عنه: أن قليله وكثيره حرام ولكن لا يجب الحد ما لم يسكر كذا في محيط السرخسي والفتوى في زماننا بقول محمد حتى يحد من سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل واللبن والتين؛ لأن الفساق يجتمعون على هذه الأشربة في زماننا، ويقصدون السكر واللهو بشربها”.
وقولهم: ” وأما الأشربة المتخذة من الشعير أو الذرة أو التفاح أو العسل إذا اشتد، وهو مطبوخ أو غير مطبوخ فإنه يجوز شربه ما دون السكر عند أبي حنيفة وأبي يوسف – رحمهما الله تعالى – وعند محمد – رحمه الله تعالى – حرام شربه. قال الفقيه: وبه نأخذ، كذا في الخلاصة، فإن سكر من هذه الأشربة فالسكر والقدح المسكر حرام بالإجماع، واختلفوا في وجوب الحد إذا سكر، قال الفقيه أبو جعفر: لا يحد فيما ليس من أصل الخمر، وهو التمر والعنب كما لا يحد من البنج ولبن الرماك، وهكذا ذكر شمس الأئمة السرخسي – رحمه الله تعالى – وقال بعضهم: يحد.
وقال الكمال بن الهمام: ” (قوله ومن سكر من النبيذ حد) فالحد إنما يتعلق في غير الخمر من الأنبذة بالسكر. وفي الخمر بشرب قطرة واحدة. وعند الأئمة الثلاثة كل ما أسكر كثيره حرم قليله وحد به… أي المحرم لم يقتصر على ماء العنب بل كل ما كان مثله من كذا وكذا فهو هو لا يراد إلا الحكم، ثم لا يلزم في التشبيه عموم وجهه في كل صفة، فلا يلزم من هذه الأحاديث ثبوت الحد بالأشربة التي هي غير الخمر، بل يصحح الحمل المذكور فيها ثبوت حرمتها في الجملة إما قليلها وكثيرها أو كثيرها المسكر منها… بل هذا الترجيح في حق ثبوت الحرمة ولا يستلزم ثبوت الحرمة ثبوت الحد بالقليل إلا بسماع أو بقياس “.
وقال ابن عابدين: ” سكر من نبيذ ما أي من أي شراب كان غير خمر إذا شربه لا يحد به إلا إذا سكر به… وعند محمد ما أسكر كثيره فقليله حرام، وهو نجس أيضا، قالوا: وبقول محمد نأخذ. وفي طلاق البزازية: لو سكر من الأشربة المتخذة من الحبوب والعسل المختار في زماننا لزوم الحد اهـ. نهر. قلت: وما ذكره الزيلعي تبع فيه صاحب الهداية، لكنه في الهداية من الأشربة ذكر تصحيح قول محمد، فعلم أن ما مشى عليه هنا غير المختار كما في الفتح. وقد حقق في الفتح قول محمد إن ما أسكر كثيره حرم قليله وأنه لا يلزم من حرمة قليله أنه يحد به بلا إسكار كالخمر خلافا للأئمة الثلاثة “، قال في موضع آخر: فلو شرب ما يغلب على ظنه إلخ) أي يحرم القدر المسكر منه، وهو الذي يعلم يقينا أو بغالب الرأي أنه يسكره… فالحرام: هو القدح الأخير الذي يحصل السكر بشربه كما بسطه في النهاية وغيرها؛ ويحد إذا سكر به طائعا. قال في منية المفتي: شرب تسعة أقداح من نبيذ التمر فأوجر العاشر لم يحد اهـ. وقال في الخانية. وفيما سوى الخمر من الأشربة المتخذة من التمر والعنب والزبيب لا يحد ما لم يسكر، ثم قال في تعريف السكران والفتوى على أنه من يختلط كلامه ويصير غالبه الهذيان “.
وقول الجمهور هو الأرجح لأدلة كثيرة منها قوله r: (كل مسكر خمر، وكل خمر حرام). كما أن اسم الخمر لغة تطلق لكل ما خامر العقل، وفي صحيح البخاري قول عمر – رضي الله عنه -: “الخمر ما خامر العقل”، وما روى الترمذي من حديث عائشة عنه r: (كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام) وفي لفظ (فالحسوة منه حرام). ولحديث سعد بن أبي وقاص أنه r: (أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره)وأرى أن العلم الحديث قد حسم اليوم هذه المسألة، فلا ينبغي أن يكون فيها خلاف، فالخمر ما خامر العقل، والحكم يرتبط بعلته لا بحكمته، فالعلة أمر ظاهر منضبط مطرد بخلاف الحكمة، فلا يمكن ربط اسم الخمر المحرم بأثره على العقل لاختلاف الأثر من شخص لآخر، فلا بد أن يربط اليوم بمسبب هذا الأثر وهو المادة المسكرة أو ما يسمى في العلم الحديث “الكحول”، فوجود مادة الكحول هو علة التحريم، وهو ضابط إطلاق اسم “الخمر” على المشروب المحتوي على هذه المادة.
وقد أصبح اليوم لدينا وسائل معاصرة في الكشف عن نسب الكحول في المشروبات، بل وجسد الإنسان من خلال دمه أو نفسه، فما وجدت فيه هذه المادة بنسب تحددها المجامع الفقهية بالتعاون مع لجان طبية مختصة سمي كان وكان محرما، وما لم توجد فيه هذه النسب المئوية فلا يكون محرما، فضابط التحريم أمران: الأول: وجود مادة الكحول. الثاني: وجود هذه المادة بنسبة مسكرة عادة يحدد هذه النسبة المجامع الفقهية مع المختصين.
مصدر الفتوى من كتاب:
فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م،
صفحة ( 200-209)
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.