الفتاوىفتاوى الصوم

حكم توحيد الأمة في الصوم إذا رئي الصوم في بلد منها ( وحدة المطالع )

السؤال:

ما حكم اختلاف الأمة في بدء الصوم ونهايته، فنرى دولا تبدأ صوما الجمعة وأخرى السبت، ألا يتعارض هذا مع وحدة الأمة الإسلامية ويصنع إرباكا عالميا عند المسلمين، ويرسل رسالة إلى أعداء الأمة بأننا متفرقون مختلفون حتى على دخول شهر رمضان أو خروجه؟

الجواب:

هذه المسألة بحثها القدماء والمعاصرون وتعرف عندهم بوحدة المطالع واختلافها، واختلاف المطالع أمر معتبر معلوم أثبته العلم الحديث وإنما وقع الخلاف في أثره الفقهي، فقد ثبت في العلم أن الهلال يمكن أن يتولد أو يطلع في منطقة ويستحيل أن يتولد أو يطلع في أخرى، ويمكن أن يتولد في منطقتين لكنه يرى في منطقة منهما ولا يمكن أن يرى في الأخرى.

وبناء على هذا لو أثبت العلم (الحسابات الفلكية القطعية) إمكان تولد ورؤية الهلال في بلدين لكنه لم ير فعلا إلا في بلد واحد منهما؛ فهل يجب على أهل البلد الثاني أن يصوموا؟

اتفق المذاهب الأربعة في المعتمد أنه إذا اتحد مطلع البلدين فيجب على الجميع الصوم، أما إذا اختلف مطلعهما بأن أثبت بالعلم عدم تولد الهلال في البلد الثاني أو أن الهلال تولد ولكن لا يمكن رؤيته فيها فعندها لا يجب على البلد الثاني أن يصوم إن ثبتت رؤية الهلال في البلد الأول عند كثير من السلف والعلماء القدماء والمعاصرين وعلى رأسهم سادتنا الشافعية، ويجب على البلد الثاني عند جمهور الفقهاء على تفصيل بينهم، وكلام الشافعية ومن وافقهم هو الأرجح علمياً وشرعياً.

وأقوى دليل لسادتنا الشافعية على عدم وجوب الصوم لاختلاف المطالع وأنه يجوز أن يصوم بلد من بلاد المسلمين قبل بلد آخر أو بعده ما رواه كريب في صحيح مسلم (أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم، ورآه الناس وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين يوما أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه مسلم، فها هم الصحابة اختلفوا في بدء الشهر ونهايته، ونسب ابن عباس جواز هذا الأمر للرسول صلى الله عليه وسلم فهو نص في المسألة.

فأما لو سافر شخص من محل إلى محل آخر يخالفه في المطلع ووجد أهله صائمين أو مفطرين لزمه موافقتهم في أول الشهر أو آخره.

ولا شك أن الأولى والأفضل والأسن هو وحدة المسلمين في الصوم (وحدة المطالع) وهو قول جمهور أهل العلم، فلو اجتمعت الأمة الإسلامية على وحدة المطالع من خلال مؤتمر عام يجمع ممثلين عن الأمة ويقررون وحدة الصوم والفطر فلا شك أنه أمر رائع، لكن قبل ذلك فالمسألة خلافية والآراء فيها قوية، فلا ننكر فيها على بعضنا البعض.

مصدر الفتوى من كتاب: (فتاوى معاصرة)، للدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار الرازي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (43-44).

 


اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي من النسخ