حكم قول (قوس قزح)، وهل قزح اسم من أسماء الشيطان

السؤال:
قرأت على أحد مواقع الانترنت أنه يحرم أن نقول: قوس قزح، ويجب أن نسميه: قوس الله؛ لأن قزح اسم للشيطان. فهل هذا الكلام صحيح، ولكم جزيل الشكر؟
الجواب:
قوس قزح هو موجات متوسطة تتراوح أطوالها بين 0.3 و 0.8 ميكرون، وهي ذات ألوان مختلفة أهمها البنفسجية والزرقاء والخضراء والصفراء والحمراء، ويتكون من اختلاطها ببعضها ظهور الضوء الذي يتميز به النهار. ولكن من الممكن رؤيتها عند تحليل هذا الضوء بواسطة منشور زجاجي، كما يمكن تمييزها بوضوح كذلك عندما يتكسر الضوء على جزيئات الثلج المكونة للسحب، فيظهر نتيجة لذلك قوس قزح “Rain bow” المعروف.
وهو لفظ معروف من القدم عند العرب ففي أوائل معاجم اللغة العربية جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس أن القزح يدل على اختلاط ألوان مختلفة وتشعب في الشيء. ويقال: إن القزح: الطرائق، في التي يقال لها: قوس قزح، الواحدة قزحة.
ولا يحرم تسميته بذلك لأن الأشهر الثابت في السنة أن قزح اسم لجبل في مزدلفة يسمى المشعر الحرام ففي صحيح ابن خزيمة (فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حجه، وقال حين وقف بعرفة: “هذا الموقف، كل عرفة موقف”. وقال حين وقف على قزح: “هذا الموقف، وكل مزدلفة موقف”).
وفي سنن الترمذي بسند حسن (عن علي بن أبي طالب قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: «هذه عرفة، وهو الموقف، وعرفة كلها موقف»، ثم أفاض حين غربت الشمس، وأردف أسامة بن زيد، وجعل يشير بيده على هيئته، والناس يضربون يمينا وشمالا، يلتفت إليهم، ويقول: «يا أيها الناس عليكم السكينة»، ثم أتى جمعا فصلى بهم الصلاتين جميعا، فلما أصبح أتى قزح فوقف عليه، وقال: «هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف»).
قال النووي: ” وجمع هي المزدلفة والمراد وقفت على قزح وجميع المزدلفة موقف لكن أفضلها قزح كما أن عرفات كلها موقف وأفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات”.
وقد استعمل الصحابة هذا الاسم ففي الأدب المفرد للبخاري بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: المَجَّرةُ: بابٌ مِن أَبْوَابِ السَّمَاءِ، وَأَمَّا قوسُ قُزح، فَأَمَانٌ مِنَ الغَرق بَعْدَ قَوْمِ نوح عليه السلام. واستعمل العلماء قوس قزح بهذا الاسم فقد جاء في مطالب أولي النهى بالنص: ” ورد في الخبر أن (قوس قزح) أمان لأهل الأرض من الغرق، وهو من آيات الله “.
وللناس اختراعات في سبب تسميته قزحا، فقيل: إن قزح اسم مَلَك موكل بالسحاب، وبه قال ثعلب، وقيل اسم مَلِك من ملوك العجم.
وأما حديث “لاَ تَقُولُوا قَوْس قُزَحٍ، فَإِنَّ قُزَحَ هُوَ الشَّيْطَانُ، وَلكِنْ قُولُوا قَوْسُ اللَّهُ” فهو موقوف على ابن عباس ولا يصح مرفوعا للنبي فقد رواه الخطيب عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، وَفِي إسناده: زكريا بن حكيم. قال النسائي، ويحيى بن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: ليس بشيء. وقال ابن المديني: هالك.
وقد ضعف البخاري إسناد ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: (المَجَّرةُ: بابٌ مِن أَبْوَابِ السَّمَاءِ، وَأَمَّا قوسُ قُزح، فَأَمَانٌ مِنَ الغَرق بَعْدَ قَوْمِ نوح عليه السلام) ووجه ضعفه أن فيه علي بن زيد ـ وهو: ابن جدعان ضعيف، ومع ذلك قال النووي: ” يُكره أن يُقال قوسُ قزح لهذه التي في السماء ” مستدلا بأثر ابن عباس السابق، وهو من اختيارات النووي، ولعله حكم بالكراهة احتياطا أو أخذا بقاعدة العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، مع أن الحديث لا يستدل به حتى في فضائل الأعمال لشدة ضعفه، ولا نرى كراهة إطلاق اسم “قوس قزح” على هذه الألوان السمائية.
وقد سمي بأسماء كثيرة منها: قوس الله، قوس قزح، وسَمَّاهَا الوأواء الدمشقي: قوس السماء، وسماه سيف الدولة: قوس السحاب.
مصدر الفتوى من كتاب:
فتاوى معاصرة (2)، ايمن عبد الحميد البدارين، دار النور المبين للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى، 2017م، صفحة (30-32 )
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.