حكم طهارة جسد الحائض
السؤال:
هل جسد الحائض طاهر أم نجس؟
الجواب:
لا خلاف بين الفقهاء في طهارة جسد الحائض سوى تنجس ما لاقته النجاسة، فعرقها ولعابها طاهران، ويجوز الأكل من طبخها وعجنها، وما مسته من المائعات، وجواز الأكل معها ومساكنتها، من غير كراهة.
وهذا الظن الخطأ بنجاسة جسد الحائض منتشر من القدم بسبب مخالطة اليهود الذين يرون أن المرأة الحائض نجسة، وتنجس ما تلمسه من طعام أو شراب أو غيره، وقد صحح النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم بادئا بزوجاته، فعن عائشة قالت: « قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: فقلت: إني حائض. فقال: إن حيضتك ليست في يدك)، فدل قوله هذا على أن كل موضع منها ليس فيه الحيضة فهو كما كان قبل الحيضة، وأنها متعبدة في اجتناب ما أمرت باجتنابه، وفي ترجيلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدمتها له وهي حائض يدل على ذلك.
ويدل على طهارة لعابها ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في فيشرب، وأتعرق العرق وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِيّ).
فالإنسان طاهر حياً وميتاً، بل وجُنُبَاً؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه « أنه لقيه النبي صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم. فلما جاءه قال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس)، وهذا دليل على التكريم الإلهي للبشر جميعاً ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70].
قال ابن قدامة: ” قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر، ثبت ذلك عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، رضى الله عنهم، وغيرهم من الفقهاء. وقالت عائشة: عرق الحائض طاهر. وكل ذلك قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأى، ولا يحفظ عن غيرهم خلافهم”.
وقال ابن القطان: ” وأجمعوا على أن عرق الحائض طاهر”.
مصدر الفتوى
من كتاب: (فتاوى معاصرة)، مؤلف الكتاب: الدكتور أيمن عبد الحميد البدارين، دار النشر: دار الرازي للنشر والتوزيع، مكان النشر: عمان، الأردن، رقم الطبعة: الطبعة الأولى، سنة الطبع: 1434هـ-2013م، رقم الصفحة (25).
اكتشاف المزيد من موقع الدكتور ايمن البدارين الرسمي - aymanbadarin.com
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.